للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنِي إِسْلامٌ، وَلَكِنْ أَنِفْتُ أَنْ تَظْهَرَ هَوَازِنُ عَلَى قُرَيْشٍ. فَقُلْتُ وَأَنَا وَاقِفٌ مَعَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرَى خَيْلا بُلْقًا. قَالَ: «يَا شَيْبَةُ، إِنَّهُ لا يَرَاهَا إِلا كَافِرٌ» . فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهمّ اهْدِ شَيْبَةَ» ، فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا، حَتَّى مَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

وقال ابن إِسْحَاق: وقال مالك بْن عَوْفُ، يذكر مَسيرهم بعد إسلامه:

اذْكُرْ مَسِيرَهُمُ للنَّاس إِذْ جَمَعُوا ... ومَالِكٌ فَوْقَهُ الرَّايَاتُ تَخْتَفقُ

ومالك مالِكٌ ما فَوْقَه أحدٌ ... يَوْمَيْ حُنَيْنٍ عَلَيْه التَّاجُ يأْتَلِق

حَتَّى لَقُوا النَّاسَ خَيْرَ النَّاسِ يَقْدُمُهُمْ ... عَلَيْهِمُ البَيْضُ والأَبْدَانُ والدَّرَق

فضَارَبُوا النَّاسَ حتّى لَمْ يَرَوْا أَحَدًا ... حَوْلَ النَّبِيِّ وَحَتَّى جَنَّهُ الغَسَق

حَتَّى تَنَزَّل جِبْريلٌ بِنَصْرِهمُ ... فَالْقَوْمُ مُنْهَزِمٌ مِنْهُمْ وَمُعْتَنَق

مِنَّا وَلَوْ غَيْرُ جبريل يقاتلنا ... لمنعتنا إذا أسيافنا الغلق

وقد وفى عمر الْفَارُوقُ إِذْ هُزِمُوا ... بِطَعْنَةٍ بَلَّ مِنْها سرجه العلق [١]

وقال مالك، في الموطّأ [٢] ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَة، عَنْ أَبِي قَتَادَة، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ. قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا [١٠٥ أ] رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرْتُ لَهُ فَضَرَبْتُه بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عاتِقِهِ [٣] ، فَأَقْبَلَ عَلِيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ. ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي. فَأَدْرَكْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللَّهِ.

ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا. وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ


[١] في الأصل: «بل منه بسرجه» . والتصحيح من ح. وفي هامش ح: «العلق الدم الغليظ» .
وانظر الأبيات في سيرة ابن هشام (٤/ ١٣٧) باختلاف يسير في بعض الألفاظ.
[٢] كتاب الجهاد، ما جاء في السلب في النفل- ص ٣٠١ رقم ٩٨١.
[٣] ما بين العنق والكتف.