للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: دخلت الكوفة ومعي درهم واحد، فاشتريت بهِ ثلاثين مُدّ باقِلّاء، فكنتُ آكل منه مدًّا، وأكتب عَنِ الأشجّ ألف حديث، فكتبتُ عَنْهُ في الشّهر ثلاثين ألف حديث، ما بين مقطوع ومُرسل [١] .

وقال أبو بَكْر بْن شاذان: قدِم ابن أَبِي دَاوُد سِجِسْتان، فسألوه أنّ يحدِّثهم فقال: ما معي أصْل. فقالوا: ابن أَبِي دَاوُد وأصول؟! قَالَ: فأثاروني، فأمليت عليهم ثلاثين ألف حديث من حفظي. فلمّا قدِمْتُ بغداد قَالَ البغداديون: مضى ابن أَبِي دَاوُد إلي سِجِسْتان ولِعبَ بالنّاس. ثمّ فيَّجُوا فَيْجًا [٢] أكثروه بستّة دنانير إلى سِجِسْتان ليكتب لهم النّسخة. فكتبت لهم وجيءَ بها، وعُرضت عَلَى الحُفّاظ، فخطّئوني في ستة أحاديث منها، حدَّثتُ بها كما حُدِّثت، وثلاثة أخطأت فيها [٣] .

رواها الخطيب عَنْ أَبِي القاسم الأزهريّ، عَنِ ابن شاذان.

ورواها غير الازهريّ، عَنِ ابن شاذان، فذكر أنّ ذَلِكَ الإملاء كَانَ بإصبهان.

وكذا روى أبو عليّ النَّيْسابوريّ، عَنِ ابن أَبِي دَاوُد، وهو المعروف، فكأنّ الأزهري غلط وقال: سِجِسْتان، عِوَض إصبهان.

وقال الخطيب [٤] : سمعتُ أبا محمد الخلّال يَقُولُ: كَانَ أبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد أحفظ من أَبِيهِ.

وقال أبو القاسم بْن النّحّاس: سَمِعْتُ ابن أَبِي دَاوُد يَقُولُ: رأيت أبا هُرَيْرَةَ في النَّوم، وأنا بسِجِسْتان أصنِّف حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، كثّ اللّحْية، رَبْعَةٌ أسمر، عَلَيْهِ ثياب غِلاظ. فقلت: إنّي لاحبّك يا أبا هُرَيْرَةَ.

فقال: أنا أول صاحب حديثٍ كَانَ في الدّنيا.

فقلت: كم من رجلٍ أسندَ عَنْ أَبِي صالح، عنك؟

قال: مائة رجل.


[١] وزاد الخطيب: «وموقف» . (تاريخ بغداد ٩/ ٤٦٦، ٤٦٧) .
[٢] أي سيّروا رسولا أو ساعيا على البريد.
[٣] تاريخ بغداد ٩/ ٤٦٦.
[٤] في تاريخه ٩/ ٤٦٦.