قَالَ ابن أَبِي دَاوُد: فنظرتُ فإذا عندي نحوها [١] .
وقال صالح بْن أحمد الهَمْدانيّ: الحافظ أبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد إمام العراق ومَن نصب لَهُ السّلطان المنبر. وقد كَانَ في وقته بالعراق مشايخ أسند منه، ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ هُوَ.
وقال أبو ذرّ الهَرَوِيّ: ثنا أبو حفص بْن شاهين قَالَ: أملى علينا ابن أَبِي دَاوُد زمانًا ما رأيت بيده كتابًا، إنّما كَانَ يُملي حفظًا. وكان يقعد عَلَى المنبر بعد ما عمي، ويقعد تحته بدرجة ابنه أبو مَعْمَر، وبيده كتاب يَقُولُ لَهُ: حديث كذا.
فيسرد من حفظه حتّى يأتي عَلَى المجلس.
وقرأ علينا يوما حديث القنوت من حفظه، فقام أبو تمّام الزّينبيّ وقال: للَّه درك، ما رأيت مثلك إلّا أنّ يكون إبراهيم الحربيّ. فقال: كلّ ما كَانَ يحفظ إبراهيم أَنَا أحفظه، وأنا أعرف النُّجوم وما كَانَ يعرفها.
وقال ابن شاهين: لمّا أراد عليّ بن عيسى الوزير أنّ يُصلح بين ابن صاعد وابن أبي دَاوُد جمعهما عنده، وحضر أبو عُمَر القاضي، فقال الوزير: يا أبا بَكْر، أبو محمد أكبر منك، فلو قمتَ إِلَيْهِ.
فقال: لَا أفعل.
فقال- يعني الوزير-: أنت شيخ زيف.
فقال ابن أبي دَاوُد: الشَّيْخ الزّيف الكذّاب عَلَى رسول اللَّه.
فقال الوزير: مَن الكذابُ عَلَى رسول اللَّه؟
قَالَ: هذا.
ثمّ قام وقال: تتوهّم أنّي أذلُّ لك لأجل أنّ رزقي يصلُ إليَّ عَلَى يديك.
واللَّه لَا أخذتُ من يدك شيئًا أبدًا.
فكان المقتدر يزن رزقه بيده، ويبعث بهِ في طبقٍ عَلَى يد الخادم.