للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ:

«إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ، وَلَكِنَّهُ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا تُحَاقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَاحْذَرُوهُ. أَيُّهَا النَّاسُ: إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا، كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ. إِنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ أَخُو الْمُسْلِمِ، الْمُسْلِمُونَ إِخْوَةٌ، [وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إِلَّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ] [١] ، وَلَا تَظْلِمُوا، وَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» [٢] . وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَكَانَ رَبِيعَةُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ هُوَ الَّذِي يَصْرُخُ يَوْمَ عَرْفَةَ تَحْتَ لُبَّةِ نَاقَةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ لَهُ: «اصْرُخْ: أيها الناس» - وكان صيّتا [٣]- «هل [١٣١ أ] تَدْرُونَ أَيَّ شَهْرٍ هَذَا؟» فَصَرَخَ، فَقَالُوا:

نَعَمْ، الشَّهْرُ الْحَرَامُ. قَالَ: «فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ إِلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ [٤] . وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْهُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَنْفِرَ مِنْ منى قال: «إنّا نازلون غدا إن


[١] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، والمثبت من (ع) و (ح) .
[٢] أخرجه البخاري في كتاب الفتن (٨/ ٩١) باب قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفّارا، ومسلم في كتاب الإيمان (٦٦) باب بيان معنى قول النبي: لا ترجعوا بعدي كفارا، وأبو داود في السّنّة (٦٨٦) باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه، والنسائي في تحريم الدم (٧/ ١٣٦) باب تحريم القتل. والطبراني في المعجم الكبير ٨/ ١٦١ رقم ٧٦١٩، والمعجم الصغير ١/ ١٥٣، وابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ (بتحقيقنا) ٢٤٢ رقم (١٩٨) ، والمؤلّف الذهبي في سير أعلام النبلاء ٩/ ٤٩٨.
[٣] صيّتا: أي شديد الصوت.
[٤] انظر بقيته في سيرة ابن هشام ٤/ ٢٣١، وابن سعد في الطبقات ٢/ ١٨٤.