للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحكى عن بعض الفُضلاء قال: وقفت على أكثر من أربعين شرحًا لديوان المتنّبي ما بين مطوَّلٍ ومُخْتَصَرٍ.

وقال أبو الفتح بن جِني: قرأت ديوانه عليه فلما بلغت إلى قوله في كافور:

ألا ليت شِعْري هل أقول قصيدة ... ولا أشتكي فيها ولا أَتَعَتَّب

وبي ما يَذُود الشِعْر عنّي أقلّه ... ولكنّ قلبي يا ابْنَة القومٍ قُلَّب [١]

فقلت له: يعزّ عليّ كيف هذا الشعر في غير سيف الدولة، فقال: [٢] حذّرناه وأنذرناه فما نفع، ألست القائل فيه: «أخا الجودِ أعطى الناسُ ما أنت مالك ولا يعطى (مالنا) [٣] الناس» ، فهو الذي أعطاني كافورًا بسوء تدبيره وقلّة تمييزه ما أنا قائل.

وبَلَغَنَا أنّ المُعْتَمِد بن عَبّاد صاحب الأندلس أنشد يومًا بيتًا للمتنّبي قوله:

إذا ظَفِرتْ مِنك العيونُ بنظرةٍ ... أثاب بها مُعيي المطيّ ورازمه [٤]

فجعل المُعْتَمِد يردّده استحسانًا له، فارتجل عبد الجليل بن وهبون [٥] وقال:

لَئنَ جاد شِعْرُ ابن الحُسَين فإنّما ... تجيد العطايا واللُّهَى تفتح اللَّهَى

تَنَبَّأ عُجْبًا بالقَرِيضِ ولو دري ... بأنّك تروي شعره لتألّها [٦]


[١] من قصيدة يمدح فيها سيف الدولة الحمداني، ومطلعها:
أغالب فيك الشوق والشوق أغلب ... وأعجب من ذا الهجر والوصل أعجب
(شرح العكبريّ ١/ ١٧٦ و ١٨١) .
[٢] كتب أيضا على الهامش «قال» .
[٣] عن هامش الأصل. والشطر الثاني مبتور.
[٤] من قصيدة يمدح فيها سيف الدولة الحمداني، ومطلعها:
وفاؤكما كالرّبع أشجاه طاسمه ... بأن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه
(شرح العكبريّ ٣/ ٣٢٥ و ٣٣١) .
[٥] وفي الهامش «وقيل ابن زيدون» .
[٦] وفيات الأعيان ١/ ١٢٤.