للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالنّفير في الناس، فخرج من العَوامّ خلقٌ عدد الرمل، ثم جهّز جيشًا، وغزوا فهزموا الروم، وقتلوا منهم مقتلة كبيرة، وأسروا أميرهم وجماعة من بطارقته، وأنفذت رءوس القتلى إلى بغداد، وفرح المسلمون بنصر الله [١] .

وصادروا بختيار بن بُوَيْه [وزير] المطيع فقال: أنا ليس لي غير الخطبة، فإن أحببتم اعتزلتُ، فشدُّوا عليه حتى باع قماشه، وحمل أربعمائة ألف درهم، فأنفقها ابن بُوَيْه في أغراضه، وأهمل الغزو، وشاع في الألسنة أنّ الخليفة صُودِر، كما شاع قبله أن القاهر كدي يوم جمعة، فانظر إلى تقلّبات الدهر [٢] .

وفي شهر رمضان قُتل رجل من أعوان الوالي في بغداد، فبعث الرئيس أبو الفضل الشيرازي- وكان قد أقامه عزّ الدولة على الوزارة- من طرح النّاس من النحّاسين [٣] إلى السمّاكين، فاحترق حريق عظيم لم يشهد مثله، وأحرقت أموال عظيمة وجماعة كثيرة من النساء، والرجال، والصبيان، والأطفال في الدّور وفي الحمّامات، فأحصى ما أحرق (من بغداد) [٤] فكان سبعة عشر [ألفا] [٥] وثلاثمائة دكّان، وثلاثمائة وعشرين دارًا، أجرة ذلك في الشهر ثلاثة وأربعون ألفًا، ودخل في الجملة ثلاثون [٦] مسجدًا.

فقال رجل [٧] لأبي الفضل الشيرازي: أيُها الوزير أرينا قدرتك، ونحن


[١] راجع هذه الواقعة في تكملة تاريخ الطبري ١/ ٢١٠ و ٢١١، تجارب الأمم ٢/ ٣٠٣ و ٣٠٤، المنتظم ٧/ ٦٠، الكامل لابن الأثير ٨/ ٦١٨ (حوادث سنة ٣٦١) ، البداية والنهاية ١١/ ٢٧١ و ٢٧٣ (حوادث سنتي ٣٦١ و ٣٦٢ هـ.) ، النجوم ٤/ ٦٥، دول الإسلام ١/ ٢٢٣.
[٢] راجع في ذلك. تجارب الأمم ٢/ ٣٠٧، الكامل لابن الأثير ٨/ ٦١٩ و ٦٢٠، البداية والنهاية ١١/ ٢٧٢، تاريخ الخلفاء ٤٠٢.
[٣] هكذا في الأصل، وفي المنتظم «النخّاسين» .
[٤] ما بين القوسين عن الهامش.
[٥] ما بين الحاصرتين إضافة من المنتظم ٧/ ٦٠ ويوضح ابن كثير أنهم «سبعة عشر ألف إنسان» ١١/ ٢٧٣ وابن الأثير ٨/ ٦٢٨ وفي العبر ٢/ ٣٢٥ و ٣٢٦ «ثلاثمائة وسبعة عشر دكانا» .
[٦] وفي تكملة تاريخ الطبري ١/ ٢١٢ والمنتظم ٧/ ٦٠ والكامل ٨/ ٦٢٨. (ثلاثة وثلاثون) .
[٧] هو: أبو أحمد الموسوي. (تكملة الطبري ١/ ٢١٢) .