للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقَالَ السلفي: كَانَ أَبُو الفضل بْن حنزابة من الثِّقات الحُفَّاظ المتبجّحين بصُحبة أصحاب الحديث، مَعَ جلالة ورئاسة. يرْوِي ويُملي بمصر فِي حال وزارته، ولا يختار عَلَى العلم وصحبة أهله شيئًا، وعندي من أماليه فوائد، ومن كلامه عَلَى الحديث وتصرّفه الدّالّ عَلَى حدّة فهمه ووفور علمه.

وقد رَوَى عَنْهُ حمزة الكناني الحافظ مَعَ تقدّمه.

وقَالَ غير السِّلَفي: إنّ ابن حنزابة بعد موت كافور، وَزَرَ لأبي الفوارس احمد بْن عليّ الإخشيدي، فقبض عَلَى جماعة من أرباب الدولة وصادرهم، وصادر يعقوب بْن كلس، وأخذ منه أربعة آلاف دِينار، فهرب إِلى المغرب، وآل أمره إِلى أن وزر لبني عُبَيْد. ثم إن ابن حنزابة لم يقدر عَلَى رِضَى الإخشيدية، واضطربت عَلَيْهِ الْأحوال، واختفى مرّتين ونُهِبت داره. ثم قدم أمير الرملة أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن طُغج وغلب عَلَى الْأمور، وصادر الوزير ابن حنزابة وعذّبه، فنزح إلى الشام فِي سنة ثمانٍ وخمسين، ثم بعد ذَلِكَ رجع إلى مصر [١] .

وممّن رَوَى عَنْهُ الحافظ عَبْد الغني بْن سَعِيد.

وقَالَ الْحَسَن بْن أحْمَد بْن صالح السبيعي: قدِم علينا الوزير جَعْفَر بْن الفضل إلى حلب، فتلقّاه النّاس، فكنت فيهم، فعرف أنّي محدّث، فَقَالَ:

تعرف إسنادًا فِيهِ أربعة من الصحابة، كلّ واحد يروى عن صاحبه؟ قلت:

نعم، وذكرت لَهُ حديث السّائب بْن يزيد، عَنْ حُوَيْطَب بْن عَبْد العُزَّى، عَنْ عَبْد اللَّه بْن السعدي، عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُم فِي العمالة [٢] ، فعرف لي ذَلِكَ، وصار لي به عنده منزلة.


[١] وفيات الأعيان ١/ ٣٤٧.
[٢] حديث العمالة، أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب رزق الحاكم والعاملين عليها، من طريق أبى اليمان، عن شعيب، عن الزهري، أخبرنى السائب بن يزيد بن أخت نمر، أنّ حويطب بن عبد العزّى أخبره أنّ عبد الله بن السعدىّ أخبره أنه قدم على عمر في خلافته، فقال له عمر: ألم أحدث أنك تلى من أعمال الناس أعمالا، فإذا أعطيت العمالة كرهتها؟
فقلت: بلى، فقال عمر: ما تريد إلى ذلك؟ فقلت: إنّ لي أفراسا وأعبدا، وأنا بخير، وأريد