للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عيد الْأضحى، فركب الطائع إلى المصلَّى، وعليه قباء وعمامة، وخطب خطبة خفيفة، بعد أن صلّى بالنّاس، ثم إنّ عزّ الدولة [أدخل يده] [١] فِي إقطاع سُبُكْتِكين، فجمع سُبُكْتِكين، الْأتراك الذين ببغداد، ودعاهم إلى طاعته، فأجابوه، وراسل أَبَا إِسْحَاق مُعِزّ الدولة يُعْلمه بالحال ويُطْمِعُهُ أن يعقد لَهُ الْأمر، فاستشار أمَّه، فمنعته، فصار إليها من بغداد جماعة، فصوَّبوا لها محاربة سُبُكْتِكين فحاربوه فهزمهم، واستولى عَلَى ما كَانَ ببغداد لعزّ الدّولة، ونادت العامّة بنصر سُبُكْتِكين، فبعث إلى عزّ الدولة يَقُولُ: إنّ الأمر قد خرج عن يدك، فأخرج لي عَنْ واسط وبغداد، وليكونا لي، ويكون لك الأهواز والبصرة، ودعي الحرب.

وكتب عزّ الدولة إلى عَضُد الدولة يستنجده، فتوانى، وصار النّاس حزبين، وأهل التشيّع ينادون بشعار عزّ الدولة، والسّنّة والدّيلم ينادون بشعار سُبُكْتِكين، واتّصلت الحروب، وسُفِكَت الدماء، وكشفت الدُّور، وأُحْرِق الكَرْخ حريقًا ثانيا [٢] .

وكان الطائع شديد الحَيْل، قويًّا فِي خلْقه [٣] .

[وتقلّد] [٤] بهاء الدولة بن عضد الدولة بإشارة الْأمراء ومعونتهم. ثم كَانَ فِي دار عَبْد القادر باللَّه مُكَرَّمًا مُحْتَرَمًا، إلى أن مات ليلة عيد الفِطْر، وصلّى عَلَيْهِ القادر باللَّه، وكبّر عَلَيْهِ خمْسًا، وحُمل إلى الرّصافة، وشيّعه الأكابر


[١] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، والإستدراك من المنتظم ٧/ ٦٨ (حوادث سنة ٣٦٣ هـ.) .
[٢] المنتظم ٧/ ٦٨.
[٣] قال ابن الجوزي إنّ الطائع كان «حسن الجسم شديد القوّة، وفي رواية أنه كان في دار الخلافة أيل عظيم، فكان يقتل بقرنه الدّوابّ والبغال ولا يتمكّن أحد من مقاومته، فاجتاز الطائع للَّه فرآه وقد شقّ راويه، فقال للخدم: أمسكوه، فسعوا خلفه حتى ألجئوه إلى مضيق وبادر الطائع فأمسك قرنيه بيديه، فلم يقدر أن يخلّصهما، واستدعى بنجّار فقال: ركّب المنشار عليهما، ففعل، فلما بقيا على يسير قطعهما بيده، وهرب الأيل على وجهه» .
(المنتظم ٧/ ٦٨، ٦٧) ٨.
[٤] في الأصل بياض، وقد أضفنا ما بين الحاصرتين لضرورة السياق.