للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد بن عبد الله بن أبي عامر [١] مُحَمَّد بْن الوليد القحطاني المَعَافِرِي الْأندلسي الملك المنصور الحاجب، أَبُو عَبْد اللَّه، مدبر دولة الخليفة المؤَيَّد [٢] باللَّه هشام بْن المستنصر الْأمويّ صاحب الْأندلس [٣] .

بويع بعد أَبِيهِ، وله تسعُ سنين، وكان الحاجب أَبُو عامر هُوَ الكلّ، فعمد أوّل تغلُّبه عَلَى الْأمر إلى خزائن المستنصر باللَّه الحَكَم بْن النّاصر، الجامعة للكُتُب، فابرز ما فيها من صنوف التواليف من خواصّة العلماء، وأمر بإفراد ما فيها من كتب الْأوائل، حاشى كُتُب الطّبّ والحساب، وأمر بإحراقها، فأُحرِقت، وطُمِس بعضُها، وكانت كثيرة جدًّا، ففعل ذَلِكَ تحبُّبًا إلى العوامّ، وتقبيحًا لرأي المستنصر عندهم [٤] .

وكان أَبُو عامر حازمًا مدبّرًا وشجاعًا بطلا غزا ما [٥] لم يغزه [٦] أحد من الملوك، وافتتح فتوحًا كثيرة، وبقي فِي المملكة ستًّا وعشرين سنة.

وكان عالمًا فاضلا، كثير المآثر والمحاسن، قد طلب العلوم فِي صباه، وزانت بهيبته أقطار الْأندلس، وآمنت بِهِ لفَرطْ سياسته، وقد استوزر جماعة، كَانَ المؤيَّد باللَّه معهم صورة بلا معنى، فإنّه استولى عَلَى التدبير والحجوبية، ولم يبق أحد مَعَ الدولة يقدر عَلَى رؤية المؤَيَّد، بل كَانَ أَبُو عامر يدخل عَلَيْهِ القصر ويخرج، فيترك إمرة أمير المؤمنين بكذا، وينهى عَنْ كذا، فلا يخالفه


[١] الحلّة السيراء ١/ ٢٦٨- ٢٧٧ رقم ١٠١، الكامل في التاريخ ٩/ ١٧٦، العبر ٣/ ٥٦، دول الإسلام ١/ ٢٣٧، الوافي بالوفيات ٣/ ٣١٢، ٣١٣ رقم ١٣٦٠، المختصر في أخبار البشر ٢/ ١٣٦، تاريخ ابن الوردي ١/ ٣١٧، يتيمة الدهر ٢/ ٦٢، جذوة المقتبس ٧٨، ٧٩، الذخيرة في محاسن الجزيرة ج ١ ق ٤/ ٥٦- ٧٨، بغية الملتمس ١٠٥، تكملة الصلة ١/ ٤٣٧، المغرب في حلى المغرب ١/ ١٩٩- ٢٠٣، البيان المغرب ٢/ ٣٠١، تاريخ ابن خلدون ٤/ ١٤٧، نفح الطيب ١/ ٣٩٦- ٤٢٣ و ٣/ ٨٥- ٩٤، سير أعلام النبلاء ١٧/ ١٥، ١٦ رقم ٧، شذرات الذهب ٣/ ١٤٣، ١٤٤.
[٢] في الأصل «المؤيدة» .
[٣] كرّر بعدها «المؤيد باللَّه» .
[٤] الوافي بالوفيات ٣/ ٣١٢.
[٥] في الأصل «عزاما» وهو تصحيف، والتصحيح من (الوافي بالوفيات) .
[٦] في الأصل «يعره» .