للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحد، وكان يمنع المؤَيَّد من الاجتماع بأحد، وإذا كَانَ بعد سنين أركبه وجعل عَلَيْهِ بُرْنُسًا، وألبس جواريه مثله، فلا يعرف المؤَيَّد فِي سائر الجواري، ويخرجه ليتنزّه فِي الزَّهْراء، ثم يعود إلى القصر عَلَى هذه الحالة، وليس لَهُ إلا الخطبة والسِّكّة.

وكان أَبُو عامر لَهُ فِي الجمعة مجلس حافل، تجتمع فِيهِ العلماء للمناظرة.

وغزا [١] فِي أيّامه نيّفًا وخمسين غزوة، وملا بلاد المسلمين غنائم وسَبْيا، حتى قِيلَ: لقد ابتيعت بِنْت عظيم من عظماء الروم ذات حُسْن وجمال بقُرْطُبَة بعشرين دينارًا عامِرِيَّة، وكان إذا فرغ من قتال العدوّ، نَفَضَ ما عَلَيْهِ من غُبَار، ثم يجمعه ويحفظه، فلما احتضر، أمر بما اجتمع من ذَلِكَ الغبار أن يُذَرَّ على كَفَنِه. وتُوُفِّي- رحمه [اللَّه] [٢]- وهو بأقصى الثغور، عند موضعٍ يعرف بمدينة سالم، مبطونًا شهيدًا فِي هذه السنة. وللشعراء فِيهِ مدائح كثيرة، وكان يُجِيزُهم بالذَّهَب الكثير، وقام بالأمر بعده ولده أَبُو مروان عَبْد الملك بْن أَبِي عامر، ولقبوه بالمظَّفر [٣] ، فدامت أيّامه فِي الْأمن والخصْب، ولكنْ لم تَطُلْ مدَّتُه، ومات، فثارت الفِتَن بالأندلس.

مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْعَبَّاس [٤] بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زكريّا، محدّث العراق، أَبُو طاهر البغدادي الذَّهبي المخلِّص.

سَمِعَ: أَبَا القاسم البغوي، وأبا بكر بن أبي داود بْن صاعد وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان الطُّوسي، ورضوان الصّيدلانى، ومحمد بن هارون الحضرميّ، وجماعة.


[١] في الأصل «غزي» .
[٢] سقط لفظ الجلالة من الأصل.
[٣] انظر: نفح الطيب ١/ ٤٢٣.
[٤] تاريخ بغداد ٢/ ٣٢٢ رقم ٨١٠، المنتظم ٧/ ٢٢٥ رقم ٣٦٢، البداية والنهاية ١١/ ٣٣٣، الوافي بالوفيات ٣/ ٢٣٠ رقم ١٢٣١، الكامل في التاريخ ٩/ ١٧٩، النجوم الزاهرة ٤/ ٢٠٨، تذكرة الحفاظ ٣/ ١٠٢٦، العبر ٣/ ٥٦، شذرات الذهب ٣/ ١٤٤، دول الإسلام ١/ ٢٣٧، سير أعلام النبلاء ١٦/ ٤٧٨، ٤٧٩ رقم ٣٥٣، هدية العارفين ٢٠/ ٥٧، الرسالة المستطرفة ٩٠.