للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَكُنْ كَشَفْتُ بَيْتَ فَاطِمَةَ وَتَرَكْتُهُ وَأَنْ أُغْلِقَ عليّ الحرب، ووددت أَنِّي يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ كُنْتُ قَذَفْتُ الأَمْرَ فِي عُنُقِ عُمَرَ أَوْ أَبِي عُبَيْدَةَ [١] ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ وَجَّهْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ وَأَقَمْتُ بِذِي الْقِصَّةِ، فَإِنْ ظفر المسلمون وإلّا كنت لهم مددا ورداء، وَوَدِدْتُ أَنِّي يَوْمَ أُتِيتُ بِالأَشْعَثِ أَسِيرًا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، فَإِنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّهُ لا يَكُونُ شَرٌّ إِلا طَارَ إِلَيْهِ، وَوَدِدْتُ أَنِّي يَوْمَ أُتِيتُ بِالْفُجَاءَةِ السُّلَمِيِّ لَمْ أَكُنْ حَرَّقْتُهُ وَقَتَلْتُهُ أَوْ أَطْلَقْتُهُ [نَجِيحًا] [٢] ، وَوَدِدْتُ أَنِّي حَيْثُ وَجَّهْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى الشَّامِ وَجَّهْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِلَى الْعِرَاقِ، فَأَكُونُ قَدْ بَسَطْتُ يَمِينِي وَشِمَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَوَدِدْتُ أَنِّي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْ هَذَا الأَمْرُ وَلا يُنَازِعُهُ أَهْلَهُ، وَأَنِّي سَأَلْتُهُ هَلْ لِلأَنْصَارِ فِي هَذَا الأَمْرِ شَيْءٌ؟ وَأَنِّي سَأَلْتُهُ عَنِ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ الأَخِ، فَإِنَّ فِي نَفْسِي مِنْهَا حَاجَةً، رَوَاهُ هَكَذَا وَأَطْوَلَ مِنْ هَذَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ ابْنُ عَائِذٍ [٣] .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَضَرْتُ أَبِي وَهُوَ يَمُوتُ فَأَخَذَتْهُ غشْيَةٌ فتمثَّلْتُ:

مَنْ لا يَزَالُ دَمْعُهُ مُقَنَّعًا ... فَإِنَّهُ لا بُدَّ مَرَّةً مَدْفُوقُ [٤]

فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ لَيْسَ كَذَلِكَ، ولكن كما قال الله تعالى:


[١] زاد الطبراني: «فكان أمير المؤمنين وكنت وزيرا» ، وفي تاريخ الطبري: «فكان أحدهما أميرا، وكنت وزيرا» .
[٢] أضفناها من المعجم الكبير للطبراني، وتاريخ الطبري.
[٣] انظر الحديث بطوله في المعجم الكبير للطبراني ١/ ٦٢، ٦٣ رقم ٤٣، وتاريخ الطبري ٣/ ٤٢٩- ٤٣١ بتقديم وتأخير. وانظر قسما منه في الكامل للمبرّد ١/ ٥.
[٤] هكذا في الأصل، وطبقات ابن سعد. وفي النهاية لابن الأثير:
من لا يزال دمعه مقنّعا ... لا بد يوما أنه يهراق
والمقنّع: المحبوس في جوفه.