للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ٥٠: ١٩ [١] .

وَقَالَ موسى الجُهنيُّ عَنْ أبي بكر بْن حفص بْن عُمَر: إنّ عائشة تمثَّلَت لمّا احتضر أَبُو بكر:

لَعَمْرُكَ مَا يُغْني الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصَّدْرُ

فَقَالَ: ليس كذلك ولكن: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ٥٠: ١٩، إنّي نَحَلْتُكِ حائطًا وإنّ في نفسي منه شيئا فردّيه على الميراث، قالت: نعم، قَالَ: أما إنّا مُنْذُ وُلِّينا أمر المُسْلِمين لم نأكل لهم دينارًا ولا درهمًا ولكنّا أكلنا من جريش [٢] طعامهم في بطوننا، ولبِسْنا من خشن ثيابهم على ظهورنا، وليس عندنا من فيء المُسْلِمين شيءٌ إِلَّا هذا العبد الحبشي وهذا البعير الناضح وجرد هذه القطيفة [٣] ، فإذا مت فابعثي بهنّ إلى عُمَر، ففعلت [٤] .

وَقَالَ القاسم، عَنْ عائشة: أن أبا بكر حين حَضَرهُ الموت قَالَ: إنّي لَا أعلم عند آل أبي بكر غير هذه اللّقْحَة وغيرَ هذا الغلام الصَّيْقل، كان يعمل سيوف المُسْلِمين ويخدُمُنا، فإذا مِتُّ فادْفَعِيهِ إلى عُمَر، فلمّا دفعته إلى عُمَر قَالَ عُمَر: رحم الله أبا بكرٍ لقد أتعب من بعده [٥] .

وَقَالَ الزُّهْرِيّ: أوصى أَبُو بكر أن تُغَسِّله امرأتُه أسماء بنت عميس، فإن


[١] سورة ق، الآية ١٩، وانظر الحديث في طبقات ابن سعد ٣/ ١٩٧ من طريق حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة، و ٣/ ١٩٨ من طريق عفّان بن مسلم، عن حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن سميّة، عن عائشة.
[٢] أبي خشن طعامهم.
[٣] أي التي انجرد حملها وخلقت.
[٤] طبقات ابن سعد ٣/ ١٩٦، الكامل لابن الأثير ٢/ ٤٢٢، ٤٢٣، مناقب عمر لابن الجوزي ٥٦.
[٥] طبقات ابن سعد ٣/ ١٩٢.