للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصدقاءُ الشّيخ ونُدَماءُ الأمير علاء الدّولة وخَوَاصّه، وحملوا إليه الثّياب والمراكب، وأُنْزِل في محلّة كون كبير. وبالغ علاء الدّولة في إكرامه وصار من خاصّته [١] . وقد خدمتُ الشّيخ وصَحِبْتُه خمسًا وعشرين سنة.

وجرت مناظرة فقال له بعضُ اللُّغَويّين: إنَّكَ لا تعرف اللّغة. فأنِف الشّيخ وتوفرَّ على درس اللُّغة ثلاث سِنين، فبلغ طبقة «عظيمة» من اللُّغة، وصنّف بعد ذلك كتاب «لسان العرب» ولم يُبيّضْه [٢] .

قال: وكان الشّيخ قويُّ القُوَى كلّها، وكان قوّة المجامَعَة من قواه الشّّهْوانيّة أقوى وأغلب. وكان كثيرًا ما يشتغل به، فأثَّر في مزاجه. وكان يعتمد على قوّة مزاجه حتّى صار أمره إلى أن أخذه القُولَنْج. وحرص على بُرئِه حتّى حقن نفسه في يومٍ ثمان مرّات، فتقرَّح بعض أمعائه وظهر به سَحْج [٣] . وسار مع علاء الدّولة، فأسرعوا نحو ابينع [٤] ، فظهر به هناك الصَّرَع الّذي قد يتبع علّة القُولَنْج.

ومع ذلك كان يدبِّر نفسه ويحقن نفسه لأجل السَّحْج [٥] . فأمر يومًا باتّخاذ دانِقَيْن مِن بِزْرِ الكَرَفْس في جُملة ما يحتقن به طلبًا لكسر الرّياح، فقصد بعض الأطبّاء الّذي كان هو يتقدّم إليه بمعالجته فطرح من بِزر الكَرَفْس خمسةَ دراهم. لستُ أدري عَمْدًا فعله أم خطأً، لأنّني لم أكن معه. فازداد السَّحْج به من حدَّة البِزْر [٦] .

وكان يتناول المثروديطوس [٧] لأجل الصَّرَع، فقام بعض غلمانه وطرح شيئا


[ () ] الأحطاب وما شاكله بلغة الفرس. وهي مدينة في تخوم قومس. (معجم البلدان ٤/ ١٣) .
[١] تاريخ مختصر الدولة ١٨٩.
وقال ابن الأثير إن ابن سينا: «كان يخدم علاء الدولة أبا جعفر بن كاكويه ولا شك أن أبا جعفر كان فاسد الاعتقاد، فلهذا أقدم ابن سينا على تصانيفه في الإلحاد والردّ على الشرائع في بلده» . (الكامل في التاريخ ٩/ ٤٥٦) .
[٢] عيون الأنباء ٣/ ١٠، تاريخ الحكماء ٤٢٢.
[٣] السّحج: التّقشّر.
[٤] لم أتبيّن المقصود منها.
[٥] تاريخ مختصر الدول ١٨٩.
[٦] وفيات الأعيان ٢/ ١٥٩، عيون الأنباء ٤٤٠.
[٧] هكذا في الأصل والوافي بالوفيات. وفي: سير أعلام النبلاء ١٧/ ٥٣٤ «مثرود يطوس» ومثله في: تاريخ الحكماء وفي: عيون الأنباء: «المثرود بطوس» .