للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كثيرًا من الأفيون فيه وناوله، فأكله. وكان سبب لك خيانتهم في مالٍ كثير من خزائنه، فتمنَّوا هلاكه ليأمنوا. فنُقِل الشّيخ إلى أصبهان وبقي يدبّر نفسه. واشتدّ ضَعْفُه. ثمّ عالج نفسه حتّى قدر على المشْي، لكنّه مع ذلك يُكثر المجامعة، فكان ينتكس.

ثمّ قصد علاء الدّولة هَمَذان، فسار الشّيخ معه فعاودته تلك العلّة في الطّريق إلى أن وصل إلى همذان، وعلم أنّه قد سقطت قوّته، وأنّها لا تفي بدفع المرض، فأهمل مداوة نفسه، وأخذ يقول: المدبّر الّذي كان يدبّر بدني قد عجز عن التّدبير، والآن فلا تنفع المعالجة. وبقي على هذا أيّامًا، ومات عن ثلاثٍ وخمسين سنة [١] .

انتهى قول أبي عُبَيْد [٢] .

وقبره تحت سُور هَمَذان، وقيل: إنّه نُقِل إلى إصبهان بعد ذلك.

قال ابن خِلِّكان [٣] في ترجمة ابن سِينَا: ثمّ اغتسل وتاب وتصدّق بما معه على الفقراء، وردّ المظالم على مَن عَرَفه، وأعتق مماليكه. وجعل يختم كلّ ثلاثة أيّام ختمة، ثمّ مات بهَمَذان يوم الجمعة في رمضان [٤] .

وولد في صفر سنة سبعين وثلاثمائة.

قال: وكان الشّيخ كمال الدّين بن يونس يقول إنّ مخدومه سخط عليه ومات في سجنه.

وكان ينشد:

رأيتُ ابن سِينَا يعادي الرّجالَ ... وفي السّجنِ [٥] مات أخسَّ المماتِ

فلم يَشْفِ ما نابَهُ «بالشّفا» ... ولم يَنْجُ من موته «بالنّجاة» [٦]


[١] في: تاريخ مختصر الدول ١٨٩: وكان عمره ثمانيا وخمسين سنة ومثله في: تاريخ الزمان ٨٩.
[٢] وفيات الأعيان ٢/ ١٥٩، ١٦٠، عيون الأنباء ٤٤٠، ٤٤١، وفي: الكامل في التاريخ ٩/ ٤٥٦ أنه توفي بأصبهان.
[٣] في: وفيات الأعيان ٢/ ١٦٠.
[٤] وفيه قال بعضهم:
ما نفع الرئيس من حكمه الطبّ ... ولا حكمه على النّيّرات
ما شفاه «الشفاء» من ألم الموت ... ولا نجّاه كتاب «النّجاة»
(تاريخ مختصر الدول ١٨٩) .
[٥] في: الوافي بالوفيات: «وبالحبس» .
[٦] هكذا في الأصل. والبيتان في: وفيات الأعيان ٢/ ١٦٢، والوافي بالوفيات ١٢/ ٤٠٧.