للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل فِرْقَةٍ بعادته ورسمه، ويسمح بالمقدور والتّقدير من المال، ويركب لمساعدة النّاس كثيرًا ممّا هو خلاف طبْعه. ثمّ لا يقصّر في الأوضاع الشّرعيّة، ويعظِّم السُّنَنَ الإلهيّة، والمُواظَبَة على التَّعَبُّدات البدنيّة.

إلى أن قال: عاهد الله أنه يسير بهذه السِّيرة ويدِين بهذه الدِّيانة، والله ولي الّذين آمنوا [١] .

وله شِعْرٌ يَرُوق، فمنه قصيدته في النّفْس:

هبَطَتْ إليكَ من المحلّ [٢] الأرْفِعِ ... وَرْقاءُ ذات تَعَزُّزٍ وَتَمَنُّعِ

محجوبةٌ عن كلّ مُقْلَة عارِفٍ ... وهي الّتي سَفَرَتْ فلم تَتَبَرْقِعِ

وصلَتْ على كُرهٍ إليكَ وربّما ... كرهتْ فراقَك وهي ذات تَفَجُّعِ

أنِفَتْ وما أنِسْتُ [٣] فلمّا واصلتْ ... ألِفْتُ مجاورةَ الخراب البَلْقَعِ

وأَظُنُّها نسيِتْ عُهُودًا بالحِمَى ... ومنازلًا بِفراقها لم تَقنعِ

حتّى إذا اتّصَلَتْ بهاءِ هُبُوطها ... من ميم مَركزِها بذات الأجْرعِ

عَلِقَتْ بها ثاء الثَّقيل فأصبحت [٤] ... بين المعالم والظُّلُول الخُضَّع

تبكي إذا ذَكَرتْ ديارًا بالحِمَى [٥] ... بمدامع تَهْمى ولمّا تُقطعِ [٦]

وتظلُّ ساجعةً على الدِّمَنِ الّتي ... دُرِسَتْ بتكرار الرّياح الأرْبعِ

إذ عاقَها الشَّرَكُ الكثيف وصدَّها ... قَفَصٌ عن الأوْجِ الفسيح الأرفع

حتّى إذا قُربَ المسيرُ من الحِمَى ... ودنا الرّحِيلُ إلى الفضاء الأوسعِ

هجَعت وقد كشِفَ الغطاء فأبصرت ... ما ليس يُدرك بالعيون الهُجَّع

وغَدَتْ مفارقةً لكلّ مخالفٍ ... عنها حليف التّرْب غير مشيّع


[١] قارن النصّ في: (عيون الأنباء ٤٤٥، ٤٤٦) .
[٢] في البداية والنهاية: «من المقام» .
[٣] في: وفيات الأعيان: «وما ألفت» . والمثبت عن الأصل، وهو يتفق مع: عيون الأنباء، وأعيان الشيعة.
[٤] في الهامش: ث. بخطه: هاء هبوطها رمز عن الهيولي، وميم مركزها اختراعها ومبدؤها الأول، وثاء الثقيل أي الهيكل الإنسانيّ.
[٥] في: وفيات الأعيان: «تبكي وقد نسيت عهودا بالحمى» ، وفي: شذرات الذهب، وأعيان الشيعة: «تبكي وقد ذكرت عهودا» .
[٦] في: وفيات الأعيان: «تقلع» ، ومثله في: «الوافي بالوفيات ١٢/ ٤٠٨، والمثبت يتفق مع:
عيون الأنباء، وشذرات الذهب.