للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحكامه، ومعانيه. صنّف كُتُبًا حِسَانًا نافعةً على مذاهب السّنّة، ظهر فيها عِلْمه، واستبان فهمه. وكان ذا عناية تامّة بالأثر ومعرفة الرّجال، حافظًا للسُّنَن، إمامًا عارفًا بأصول الدّيانات. قديم الطّلب، عالي الإسناد، ذا هَدْيٍ وسُنَّةٍ واستقامة [١] .

قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ: أبي الحسن الأنطاكي، وابن غَلْبُون، ومحمد بن الحسين بن النُّعْمَان.

وسمع من محمد بن عليّ الأُدْفُويّ ولم يقرأ عليه.

وكان فاضلًا ضابطًا، شديدًا في السُّنَّة رحمه الله.

قال ابن بَشْكُوَال [٢] : كان سيفًا مجرّدًا على أهل الأهواء والبِدَع، قامِعًا لهم، غَيُورًا على الشّريعة، شديدًا في ذات الله. أقرأ النّاس محتسِبًا، وأسمع الحديث، والتزم الإمامة بمسجد مُنْعَة [٣] . ثمّ خرج إلى الثَّغْر، فتجوّل فيه. وانتفع النّاس بعلمه، وقصد بلده في آخر عمرو فتُوُفّي بها.

أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن عيسى بن محمد بن بقيّ الحجازيّ، عن أبيه قال: خرج إلينا أبو عمر الطَّلَمَنْكيّ يومًا ونحن نقرأ عليه فقال: اقرأوا وأَكْثِرُوا، فإنّي لا أتجاوز هذا العام.

فقلنا له: ولِمَ يرحمك الله؟

فقال: رأيتُ البارحة في منامي مَن يُنشدني:

اغْتَنِمُوا البرَّ بشيخٍ ثَوَى ... تَرْحَمُه السَّوقَةُ والصِّيدُ

قد خَتَمَ العُمْرَ بعيدٍ مضى ... ليس له من بعده عِيدُ

فتُوُفّي في ذلك العام [٤] .

وُلِد سنه أربعين وثلاثمائة، وتوفّي في ذي الحجّة [٥] .


[١] الصلة ١/ ٤٥.
[٢] في الصلة ١/ ٤٥.
[٣] في: الصلة: «متعة» (بالتاء) ، ومثله في: تذكرة الحفاظ ٣/ ١٠٩٩، والمثبت يتّفق مع: معرفة القراء الكبار ١/ ٣٤٧، وسير أعلام النبلاء ١٧/ ٥٦٨.
[٤] الصلة ١/ ٤٥.
[٥] الصلة ١/ ٤٥، وفي: جذوة المقتبس ١١٤: مات بعد العشرين وأربعمائة. وفي: بغية