للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدّثني محمد بن الحسين القزّاز قال: كان ببغداد زاهدٌ خشِن العيْش، وكان يبلغه أنّ ابن القزوينيّ يأكل الطيّب، ويلبس الرّقيق، فقال: سبحان اللَّه رجلٌ مُجمَعٌ على زهده وهذا حاله أشتهي أن أراه.

فجاء إلى الحربية، قال: فرآه، فقال الشّيخ: سبحان اللَّه، رجلٌ يُومأ إليه بالزُّهد يعارض اللَّه في أفعاله، وما هُنا مُحرّمٌ ولا مُنكَر.

فطفق ذلك الرّجل يشهق ويبكي. وذكر الحكاية [١] .

سمعت أبا نَصْر عبد السيّد بن الصبّاغ يقول: حضرت عند القزوينيّ فدخل عليه أبو بكر بن الرّحبيّ فقال: أيّها الشّيح أيُّ شيءٍ أمرتني نفسي أخالفها؟

قال: إن كنت مريدا، فنعم، وإن كنت عارفًا، فلا.

فانصرفت وأنا مُفكّر وكأنني لم أُصوّبُه. فرأيت في النوم ليلتي شيئًا أزعجني، وكأنّ من يقول لي: هذا بسبب ابن القزوينيّ، يعني لمّا أخذت عليه [٢] .

وحدّثني أبو القاسم عبد السّميع الهاشميّ عن الزّاهد عبد الصّمد الصّحراويّ قال: كنت أقرأ على القزوينيّ، فجاء رجلٌ مُغطّى الوجه، فوثب الشيخ إليه وصافحه وجلس معه بين يديه ساعة، ثمّ قام وشيّعه. فاشتدّ عجبي وسألت صاحبي: من هذا؟ فقال: أوَمَا تعرِفه؟ هذا أمير المؤمنين القادر باللَّه.

وحدّثنا أَحْمَد بن محمد الْأمين قال: رأيت الملك أبا كالَيْجَار قائمًا يشير إليه أبو الحسن بالجلوس فلا يفعل.

وحدّثني عليّ بن محمد الطرّاح الوكيل قال: رأيت الملك أبا طاهر بن بُوَيْه قائمًا بين يديّ أبي الحسن يومئ إليه ليجلس فيأبَى [٣] .

ثم حكى ابن المُجْلي لهُ عدّة كرامات منها شهود عرَفَة وهو ببغداد، ومنها


[١] الخبر بأطول مما هنا في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣/ ٣٠٢.
[٢] سير أعلام النبلاء ١٧/ ٦١٢.
[٣] سير أعلام النبلاء ١٧/ ٦١٢.