للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلطان إفريقية وما والاها من المغرب.

كان الحاكم صاحب مصر قد لقَّبَهُ «شرف الدّولة» ، وأرسل إليه خلْعَةً وسِجِلًا في سنة سبعٍ وأربعمائة. وعاش إلى هذا الوقت، واشتهر اسمه.

وكان رئيسًا جليلًا عالي الهِّمّة مُحِبًّا للعلماء من بيت إمرة وحشمة. انتجعه الأدباء ومدحوه، وكان سخيًّا جوّادًا.

وكان مذهب أبي حنيفة ظاهرًا بإفريقيّة، فحمل المُعزّ أهل مملكته على الاشتغال بمذهب مالك، وحسم مادة الخِلاف في المذاهب [١] ، وخلع طاعة المصريين، وخطب للإمام القائم بأمر اللَّه أمير المؤمنين، فكتب إليه المُستَنْصِر العُبيْديّ يتهدّده، فما فكّر فيه. فجَهَّز لحربه جيشًا من العُرْبان، فأخربوا حصون بَرْقَة وإفريقيّة، وافتتحوا قطعةً من بلاده. وتعب بهم، واستوطنوا برقة إلى الآن.

ولم يُخْطَب لبني عُبَيْد بعد ذلك بإفريقيّة [٢] .

وكان مولده في سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة.

وتُوُفّي في شَعْبان من بَرَصٍ أصابه ورثاه شاعره الحسن بن رشيق القيروانيّ [٣] . ومات بالمهديَّة عند ولده تميم. وكان قد نَزَحَ من القيروان إلى


[ (- ١٦،) ] والحلّة السّيراء لابن الأبار ٢/ ٢١ (في ترجمة ابنه تميم) ، ووفيات الأعيان ٥/ ٢٣٣- ٢٣٥، وآثار الأول للعباسي ١٩٥، والبيان المغرب ١/ ٢٦٧، ورحلة التجاني ١٧، ٢٩ وانظر فهرس الأعلام، والمختصر في أخبار البشر ٢/ ١٧٠، ١٨٠، والعبر ٣/ ٢٣٣، ودول الإسلام ١/ ٢٦٧، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ١٤٠، ١٤١ رقم ٧٥، وتاريخ ابن الوردي ١/ ٥١٣، ٥٥٢، ومرآة الجنان ٣/ ٧٥، وشرح رقم الحلل ١٢٨، وتاريخ ابن خلدون ٦/ ١٥٨، ١٥٩، واتعاظ الحنفا ٢/ ٢٦٣، والنجوم الزاهرة ٥/ ٧١، وشذرات الذهب ٣/ ٢٩٤، والخلاصة النقية ٤٧، وإيضاح المكنون ٢/ ٦٦٦، وهدية العارفين ٢/ ٤٦٥.
[١] وفيات الأعيان ٥/ ٢٣٣، ٢٣٤.
[٢] الكامل في التاريخ ٩/ ٥٢١، ٥٢٢، وفيات الأعيان ٥/ ٢٣٤، البيان المغرب ١/ ٢٩٦.
[٣] في ديوانه ١٣٧- ١٣٩.
وقيل إن المعزّ كان يوما جالسا في مجلسه وعنده جماعة من الأدباء وبين يديه أترجّة ذات أصابع، فأمرهم فيها شعرا، فقال ابن رشيق شعرا:
أترجة سبطة الأطباق ناعمة ... تلقى العيون بحسن غير منحوس
كأنما بسطت كفّا لخالقها ... تدعو لطول بقاء لابن باديس
-