للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظلموهم فانفصل منهم ألفا بيتٍ، ومضوا إلى كَرْمَان، وملكها يومئذٍ بهاء الدّولة بْن عَضُد الدّولة بن بُوَيْه، فأكرمهم وتُوُفّي عن قريب. وهذا بعد الأربعمائة. فخافوا من الدَّيْلَم فقصدوا أصبهان ونزلوا بظاهرها، وصاحبها علاء الدّولة بن كاكَوَيْه، فرغب في استخدامهم، فكتب إليه السُّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين يأمره بحربهم. فاقتتل الفريقان، وقُتِل بينهما عدد، فقصد الباقون أَذْرَبَيْجَان.

وانحاز الّذين بخُراسان إلى جبل خوارزم، فجرّد السُّلطان جيشًا، فتبعوهم في تلك المفاوز، وضايقوهم مُدَّة سنتين، ثُمّ قصدهم السُّلطان محمود بنفسه، ولم يزل حتَّى شتتهم. ثُمّ تُوُفّي، فقام بعده ابنه مسعود، فاحتاج إلى تكثير الجند، فكتب إلى الطائفة التي بأَذْرَبَيْجَان ليتوجّهوا إليه، فقدِم عليه ألف فارس، فاستخدمهم ومضى بهم إلى خُراسان، فسألوه في أمر الباقين الّذين شتّتهم أبوه، فراسلهم وشرط عليهم الطَّاعة، فأجابوه إلى الطَّاعة، ورتَّبهُم كما رتبهم والده أوَّلًا.

ثم دخل مسعود بن محمود بلاد الهند لاضطراب أحوالها عليه، فَحَلَتْ للسَّلْجُوقيّة البلاد فعاثوا. وجرى هذا كلُّه وطُغْرُلْبَك وأخوه داود ليسا معهم، بل في أرضهم بنواحي بُخَارَى. وجرت بين صاحب بُخارى وبينهم وقعة عظيمة، قُتِلَ فيها خَلْقٌ كَثِيرٌ من الفريقين. ثُمّ كاتبوا مسعودًا وسألوه الأمان والاستخدام، فحبس رُسُلَهُم وجرَّد جيشّا لمواقعة من بخُراسان منهم. فالتقوه وقُتِل منهم مقتلة كبيرة. ثُمّ إنّهم اعتذروا إلى مسعود، وبذلوا الطَّاعة لَهُ، وضمنوا له أخذ خوارزم من صاحبها. فطيَّب قلوبهم، وأطلق الرُّسُل، وأرسل إليهم زعيمهم الّذي اعتقله أبوه أوّلًا. فوصل طُغَرْلُبَك وداود إلى خُراسان في جيشٍ كبير، واجتمع الجميع.

وجرت لهم أمور طويلة إلى أن استظهروا وملكوا الرّيّ في سنة تسع وعشرين وأربعمائة [١] . ثُمّ ملكوا نَيْسَابُور في سنة ثلاثين [٢] . وأخذ داود مدينة بَلْخ وغيرها [٣] . واقتسموا البلاد وضعُف عنهم السّلطان مسعود، فتحيّز إلى غزنة.


[١] انظر تاريخ البيهقي ٥٧٩ وما بعدها.
[٢] انظر تاريخ البيهقي ٦٠٨ وما بعدها.
[٣] تاريخ البيهقي ٦٠١ وما بعدها.