[٢] في السير ١٨/ ١٩١ «ثم سأل الحاضرين مسألة من الفقه» . [٣] في السير: «فاعترض في ذلك» . [٤] سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٩٠، ١٩١، تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٤٨، لسان الميزان ٤/ ١٩٩. وقد عقّب المؤلّف الذهبي- رحمه الله- على ذلك فقال: «قلت: نعم، من بلغ رتبة الاجتهاد، وشهد له بذلك عدّة من الأئمّة، لم يسغ له أن يقلّد، كما أنّ الفقيه المبتدئ والعاميّ الّذي يحفظ القرآن أو كثيرا منه لا يسوغ له الاجتهاد أبدا، فكيف يجتهد؟ وما الّذي يقول؟ وعلام يبني؟ وكيف يطير ولم يريّش؟ والقسم الثالث: الفقيه المنتهي اليقظ الفهم المحدّث، الّذي قد حفظ مختصرا في الفروع، وكتابا في قواعد الأصول، وقرأ النحو، وشارك في الفضائل مع حفظه لكتاب الله وتشاغله بتفسيره وقوة مناظرته، فهذه رتبة من بلغ الاجتهاد المقيّد، وتأهّل للنظر في دلائل الأئمّة، فمتى وضح له الحقّ في مسألة، وثبت فيها النص، وعمل بها أحد الأئمّة الأعلام كأبي حنيفة مثلا، أو كمالك، أو الثوريّ، أو الأوزاعيّ، أو الشافعيّ، وأبي عبيد، وأحمد، وإسحاق، فليتّبع فيها الحقّ ولا يسلك الرخص، وليتورّع، ولا يسعه فيها بعد قيام الحجّة عليه تقليد، فإن خاف ممن يشغّب عليه من الفقهاء فليتكتّم بها ولا يتراءى بفعلها، فربما أعجبته نفسه، وأحبّ الظهور، فيعاقب. ويدخل عليه الداخل من نفسه، فكم من رجل نطق بالحق، وأمر بالمعروف، فيسلّط الله عليه من يؤذيه لسوء قصده، وحبّه للرئاسة الدينية، فهذا داء خفيّ سار في نفوس الفقهاء، كما أنه داء سار في نفوس المنفقين من الأغنياء وأرباب الوقوف والتّرب المزخرفة، وهو داء خفيّ يسري في نفوس الجند والأمراء والمجاهدين، فتراهم يلتقون العدوّ، ويصطدم الجمعان وفي نفوس المجاهدين مخبئات وكمائن من الاختيال وإظهار الشجاعة ليقال، والعجب، ولبس القراقل المذهّبة، والخوذ المزخرفة، والعدد المحلّاة على نفوس متكبّرة، وفرسان متجبّرة، وينضاف إلى ذلك-