وقال عبد الغافر الفارسيّ: «الإمام، الحافظ، الفقيه، الأصولي، الدّيّن، الورع، واحد زمانه في الحفظ، وفرد أقرانه في الإتقان والضبط. من كبار أصحاب الحاكم أبي عبد الله الحافظ والمكثرين عنه، ثم الزائد عليه في أنواع العلوم. كتب الحديث وحفظه في صباه إلى أن نشأ وتفقه وبرع فيه وشرع في الأصول ورحل إلى العراق والجبال والحجاز ... ثم اشتغل بالتصنيف فألّف من الكتب ما لعله يبلغ قريبا من ألف جزء مما لم يسبقه إليه أحد مثل كتاب السنن الكبرى، وكتاب المعرفة، والمبسوط، والجامع لشعب الإيمان، ومناقب الشافعيّ، والدعوات، والاعتقاد، وغير ذلك من التصانيف المتفرّقة المفيدة، جمع فيها بين علم الحديث وعلله، وبيان الصحيح والسقيم، وذكر وجوه الجمع بين الأحاديث ثم بيان الفقه والأصول وشرح ما يتعلّق بالعربية على وجه وقع من الأئمة كلهم ووقع الرضا، ونفع الله تعالى به المسترشدين والطالبين ولعلّ آثاره تبقى إلى القيامة» . (المنتخب ١٠٣، ١٠٤) . وحدّث البيهقي عن نفسه فقال: حين ابتدأت بتصنيف هذا الكتاب- يعني كتاب معرفة السنن والآثار- وفرغت من تهذيب أجزاء منه سمعت الفقيه أبا محمد أحمد بن أبي علي يقول وهو من صالحي أصحابي وأكثرهم قراءة لكتاب الله عزّ وجل وأصدقه لهجة: رأيت الشافعيّ في المنام وبيده أجزاء من هذا الكتاب وهو يقول: قد كتبت اليوم من كتاب الفقيه أحمد سبعة أجزاء أو قال: قرأتها، ورآه يعتد بذلك. قال: وفي صباح ذلك اليوم رأى فقيه آخر من إخواني يعرف بعمر بن محمد في منامه الشافعيّ رحمه الله قاعدا على سرير في مسجد الجامع بخسروجرد وهو يقول: قد استفدت اليوم من كتاب الفقيه أحمد حديث كذا وكذا. (تبيين كذب المفتري ٢٦٧) . [١] انظر عن (أحمد بن محمد الشقّاني) في: المنتخب من السياق ١٠٧ رقم ٢٣٧. [٢] عبارة عبد الغافر: «تخرّج به جماعة من تلامذته، وكانت طريقته مرضيّة عند أهل التحقيق في-