للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: وَيْحُك، تمضي وتنظر للظَّلْمَاء؟ وعنَّفني [١] .

قال: وكان ينهانا دائمًا عن مُخالطة أبناء الدُّنيا، وعن النَّظر إليهم والاجتماع بهم، ويأمُر بالاشتغال بالعِلم ومجالسة الصّالحين [٢] .

سمعتُ خالي عبد اللَّه يقول: حضرت مع والدك في دار رئيس الرُّؤساء بعد مجيء طُغْرُلْبَك، وقد أنفذ إليه غير مرَّة ليحضِر، فلمَّا حضر زاد في إكرامه، وأجلسه إلى جانبه، وقال له: لم يزل بيت المُسلِمة وبيت الفرَّاء مُمتَزِجين، فما هذا الانقطاع؟

فقال له القاضي: رُوِيَ عن إبراهيم الحربيّ أنَّه استزاره المُعتّضِد، وقرَّبه وأجازه، فرصد جائزته، فقال له: أكتم مجلسنا، ولا تُخبِر بما فعلنا بك ولا بما قابلتنا.

فقال: لي إخوان لو علموا باجتماعي بك هجروني.

قال: فقال له رئيس الرُّؤساء كلامًا أسرَّهُ إليه، ومدَّ كُمَّهُ، فتأخَّر القاضي عنه، وسمعته يقول: أنا في كفايةٍ ودِعة.

فقلت له: يا سيِّدنا ما قال لك؟

قال: قال لي: معي شُويّ [٣] من بقيّة ذلك الْإِرث المُستطاب، وأُحِبُ أن تأخُذه. فقلت: أنا في كفاية.

سمعت بعض أصحابنا يحكي، قال: لما حَصُبَ القائم وعُوفِيَ، حضر الشّيخ أبو منصور بن يوسف عند الوالد، وقال له: لو سهل عليك أن تمضي إلى باب القرية، لِتُهنِّئ الخليفة بالعافية.

فمضى إلى هُناك، فخرج إليه الحاجب، ومعه جائزة سنِّيّة، وعرَّفه شُكْرَ الْإِمام لسَعْيِه، وتبرُّكه بدعائه، وسأله قبول ذلك.


[١] طبقات الحنابلة ٢/ ٢٢٢.
[٢] طبقات الحنابلة ٢/ ٢٢٢ وفيه: «ومخالطة الصالحين» .
[٣] في طبقات الحنابلة ٢/ ٢٢٣ «معي شيء» .