للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَهْل الشورى فِي زمانه، وعليه كان مدار الفتوى.

دُعي إِلَى قضاء قُرْطُبَة مِرارًا، فأبى ذلك [١] ، وكان يهاب الفتوى ويخاف عاقبتها فِي الأخرى، ويقول: من يحسدني فيها جعله اللَّه مفتيا [٢] . وددت أني نجوت منها كفافًا [٣] .

وكانت له اختيارات من أقاويل العلماء، يأخذ بها فِي خاصة نفسه [٤] .

وذكره أَبُو علي الغساني فقال: كان من جلّة العلماء الأثبات [٥] ، وممن عني بالفقه وسماع الحديث وأقره [٦] ، وقيده فأتقنه. وكتب بخطه علما كثيرا.


[١] زاد في الصلة: «وكان قد دعي قبل ذلك إلى قضاء طليطلة والمرية فاستعفاهما، وقدّمه القاضي أبو المطرّف ابن بشر إلى الشورى والناس متوافرون، وذلك سنة أربع عشرة وأربعمائة. وهو ابن إحدى وثلاثين سنة» . (٢/ ٥٤٤، ٥٤٥) .
[٢] زاد في الصلة: «وإذا رغب في ثوابها وغبط بالأجر عليها يقول» .
[٣] زاد في الصلة: «لا عليّ ولا ليا، ويتمثّل بقول الشاعر:
تمنونني الأجر الجزيل وليتني ... نجوت كفافا لا عليّ ولا ليا
[٤] زاد في الصلة: «لا يعدو بها إلى غيره. منها: أنه كان يقرأ بفاتحة الكتاب في صلاة الجنائز على أثر التكبيرة الأولى أتباعا للحديث الثابت في ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن قال بذلك من العلماء رحمهم الله. وكان يقرأ بها في صلاة الجمعة إذا لم يسمع قراءة الإمام، وكان إذا لم يسمع الخطبة في الجمعة والعيدين لبعده عن الإمام أقبل على الذكر والدعاء والاستغفار والقراءة. وكان يبدأ بالتكبير في العيدين من مساء ليلتهما إلى خروج الإمام وانقضاء الصلاة، وكان يتّقي المسح على الخفّين ما أمكنه ذلك، ولم تدعه الضرورة إلى ذلك ويقول: أنا لا أعيب المسح عليهما وأصلّي وراء من يمسح. وكان قد اعتقد قديما أن يشرك أبويه فيما يفعله من نوافل الخيرات مما ليس يفرض القيام به، وأن يكون ثواب ذلك بينه وبينهما سواء. وكان يقول: إني مضيت على هذه النيّة مدة، ثم إنه وقع بنفسي من ذلك شيء، إذ خشيت أن أكون أحدثت أمرا لم أسبق إليه، ولم أكن رأيت ذلك لغيري قبلي إلّا أني لم أقطع ما نويته من ذلك إلى أن مرّ بي لبعض المتقدّمين مثل ذلك، فطابت نفسي، وازددت بصيرة في فعلي.
وكان يقول فيما ترك عندنا من القضاء باليمين مع الشاهد: إني لو وجدت من يقضي بذلك لأفتيته به.
نقلت معظم ما تقدّم من مناقب هذا الشيخ بخط ابنه أبي القاسم» .
[٥] العبارة في الصلة ٢/ ٥٤٦، «كان من جلّة الفقهاء وأحد العلماء الأثبات» .
[٦] في الصلة: «وسماع الحديث دهره» .