[٢] راجلا على قدميه. (الصلة ٢/ ٥٤٦) . [٣] وقال القاضي أبو الأصبغ عيسى بن سهل: كان إماما جليلا، متصرفا في كل باب من أبواب العلم، أحد الفقهاء بالأندلس، حافظا نظارا، مستنبطا، بصيرا بالأحكام والعقود، معه كان أكثر تفقّهي. وصحبته طويلا ورويت عنه كثيرا. وأجاز لي جميع ما رواه. وقال غيره: إنه كان متواضعا يتصرّف راجلا، ويحمل خبزه إلى الفرن بنفسه، ويتولّى شراء حوائجه ويحملها إلى داره بنفسه، فإذا لقيه من يكبره من طلبته وغيرهم، وسأله أن يكفيه مئونتها قال له: لا أفعل، الّذي يأكلها يحملها. وهو مع ذلك في عيون الناس وقلوبهم النجم رفعة وجلالة، حتى رئيس البلد ابن جهور ينزل إلى مسجده في الأحيان، لمهمّ الأمور، ويأخذ فيها رأيه هناك، وربما جمع له بقية فقهاء الشورى، فيقضي قضاءه وينفّذ أحكامه هناك. وكان ابنه يقول: كان أبي يقول: لا غنى للطالب عن الإجازة، وإن سمع الديوان أو الحديث قراءة على المحدّث أو منه، لجواز السهو والغفلة والسّنة على أحدهما قال: وعلى هذا اعتمدت في روايتي. ... أريد على القضاء غير مرة، فامتنع ولم يقدر عليه بشيء. طلبه أهل طليطلة، وأهل المرية لقضاء بلدهم على عادتهم معا في كون القضاء عندهم في غير بلدهم للتنافس الّذي كان بين أهل هذين البلدين في القضاء، فكانوا يطلبونه من غيرهم، فطلب أهل هذين البلدين ابن عتّاب لذلك، وبذلوا له ليقبل ذلك الرزق الواسع فامتنع، ولما مات القاضي بقرطبة سراج بن عبد الله رغبه ابن جهور بنفسه ولاطفه جهده، فلم يقدر عليه، وحلف بحضرته ألا يلي وقال: ما إبايتي إلّا إباية ضعف وقوة، لا من وهن وطاعة. وحكي أنه كان خلّف صندوقا مقفلا قد أوصى ألّا يفتح إلّا بعد موته، فلما مات، فتح، فإذا فيه أربعة كتب من أربعة رؤساء: ابن عبّاد، وابن الأفطس. وابن صمادح، وابن هود، كل منهم يدعوه إلى نفسه وتقلّد القضاء ببلده وقد كتب على كل كتاب منها: «تركت هذا للَّه» . وسأله رجل عن مسائل انتخبها وأعدّها فأجابه أحسن جواب، فأثنى عليه الرجل فقال له: يا ابن أخي لا تتّخذ هذا عادة، فلولا أني طالعتها البارحة ما أجبتك بمثل هذا، أو كما قال. (ترتيب المدارك ٤/ ٨١١، ٨١٢) .