للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت المحدث. ومات هَذَا العلم بوفاته. وقد كان رئيس الرؤساء، تقدم إِلَى الخطباء والوعاظ أن لا يرووا حديثًا حَتَّى يعرضوه عليه، فَمَا صححه أوردوه، وما رده لم يذكروه [١] .

وأظهر بعض اليهود كتابًا ادّعى أنه كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسقاط الجزية عن أَهْل خيبر، وفيه شهادة الصحابة، وذكروا أنه خط علي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِيه، وحُمِل الكتاب إِلَى رئيس الرؤساء فعَرضه على الخطيب فتأمله ثُمَّ قال: هَذَا مزوَّر.

قيل له: ومن أَيْنَ قلتَ ذلك؟

قال: فِيهِ شهادة مُعَاوِيَة وهو أسلم عام الفتح، وفتحت خيبر سنة سبْع، وفيه شهادة سعْد بْن مُعَاذ، ومات يوم بني قُرَيْظَة قبل فتح خيبر بسنتين.

فاستحسن ذلك منه، ولم يُجْرِهم على ما فِي الكتاب [٢] .

وقال أَبُو سعد السمعاني: سمعت يوسف بْن أيوب الهَمَذَانيّ يقول: حضر الخطيب درس شيخنا أَبِي إِسْحَاق، فروى الشَّيْخ حديثًا من رواية بحر بْن كُنيز السقاء، ثُمَّ قال للخطيب: ما تقول فِيهِ؟

فقال الخطيب: إنْ أذِنْتَ لي ذكرت حاله.

فأسند الشَّيْخ: ظهره إِلَى الحائط، وقعد كالتلميذ، وشرع الخطيب يقول:

قال فِيهِ فلان كذا، وقال فِيهِ فلان كذا، وشرح أحواله شرحًا حسنًا، فاثني الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق عليه وقال: هُوَ دارقطني عصرنا [٣] .

وقال أَبُو علي البرداني: أَنَا حافظ وقته أَبُو بَكْر الخطيب، وما رأيت مثله، ولا أظنه رَأَى مثل نفسه [٤] .


[١] معجم الأدباء ٤/ ١٩.
[٢] معجم الأدباء ٤/ ١٨، المنتظم ٨/ ٢٦٥، ٢٦٦ (١٦/ ١٢٩) ، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ١٨/ ٦٠، سير أعلام النبلاء ١٨/ ٢٨٠، تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٤١، الوافي بالوفيات ٧/ ١٩٢، ١٩٣، البداية والنهاية ١٢/ ١٠١، ١٠٢.
[٣] سير أعلام النبلاء ١٨/ ٢٨٠، ٢٨١، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ١٨/ ٥٧، ٥٨، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٤/ ٣٥، ٣٦، الوافي بالوفيات ٧/ ١٩٦.
[٤] تقدّم هذا القول قبل قليل.