للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبُو الْوَلِيد المخزومي الأندلسي القُرْطُبي، الشّاعر المشهور.

قال ابن بسام: [١] كان أَبُو الْوَلِيد غاية [٢] منثور ومنظوم، وخاتمة شعراء بني مخزوم. أحدُ من جرَّ الأيام جرًّا، وفاق الأنام طُرًّا، وصرَّف السّلطان نَفْعًا وضُرًّا، ووسَّع البيانَ نظْمًا ونثرًا، إِلَى أدبٍ ليس [٣] للبر تدفُّقُه، ولا للبدر تألُّقُه، وشِعرٍ ليس للسِّحْر بيانُه، ولا للنّجوم اقترانه، وحفظ من النَّثْر غريب المباني، شعْريّ الألفاظ والمعاني. وكان من أبناء وجوه الفقهاء بقُرْطُبة.

انتقل عن قُرْطُبة إِلَى المعتضد عَبَّاد صاحب إشبيلية بعد عام أربعين وأربعمائة، فجعله من خواصه، وبقي معه فِي صورة وزير.

فَمَنْ شِعره قَوله:

بَيْني وبَيْنَكَ ما لو شئت لم يضع ... سر [٤] ، إذا ذاعت الأسرارُ لم يُذِعِ

يا بائعًا [٥] حَظَّهُ مِنّي ولو بُذِلَتْ ... لِيَ الحياةُ بِحَظّي منهُ لم أبعِ

يكفيك أنَّكَ لو حمَّلت [٦] قلبي ما ... لا تستطيعُ [٧] قلوبُ الناس يَسْتَطِعَ

تِهْ أَحْتَمِل، وَاسْتَطِلْ أَصْبِر، وَعِزَّ أَهُنْ ... وَوَلِّ أُقْبِل، وقُلْ أَسْمَع، ومُرْ أُطِعِ [٨]

وله:

أَيَّتُها النّفسُ إليْهِ اذْهَبي ... فَمَا لِقَلْبِي عَنْهُ مِنْ مَذْهَبِ

مُفَضَّضُ الثَّغْرِ لهُ نُقْطَةٌ ... مِن عَنْبَرٍ فِي خَدِّه المذهب


[١] في الذخيرة ج ١ ق ١/ ٣٣٦.
[٢] في الذخيرة: «صاحب» .
[٣] في الذخيرة: «ما» .
[٤] في المختصر في أخبار البشر ٢/ ١٨٧ «سرا» .
[٥] في بغية الملتمس ١٨٦: «يا مانعا» .
[٦] في الجذوة، والبغية: «حسبي بأنك إن حمّلت» .
[٧] في المختصر في أخبار البشر: «ما لم تستطعه» ، ومثله في: تاريخ ابن الوردي ١/ ٣٧٤، وهو يتفق مع ما في الديوان ١٦٣ ففيه:
يكفيك أنك إن حمّلت قلبي ما ... لم تستطعه قلوب الناس يستطع
[٨] الأبيات في ديوان ابن زيدون ١٦٣، وجذوة المقتبس ١٣٠، وبغية الملتمس ١٨٦، والمختصر في أخبار البشر ٢/ ١٨٧، والوافي بالوفيات ٧/ ٩٣.