للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أَبُو سعْد السمعاني [١] : حسّان بْن سَعِيد بن حسّان بن محمد بن أحمد ابن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن منيع بْن خَالِد بْن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ المنيعي، كان فِي شبابه يجمع بين الدّهْقَنة والتجارة، وسلك طريق الفتيان حَتَّى سادَ أَهْل ناحيته بالفُتُوّة والمروءة والثروة الوافرة. إِلَى أن قال: ولمّا تسلطت سلجوق ظهر أمره، وبنى الجامع بمروالرّوذ، ثُمَّ بنى الجامع الجديد بنَيْسابور. وبلغني أن عجوزًا جاءته وهو يبنيه [٢] ، ومعها ثوبٌ يساوي نصف دينار وقالت: سمعتُ أنّك تبني الجامع، فأردت أن يكون لي فِي البقعة المباركة أثر.

فَدَعا خازنه واستحضر ألف دينار، واشترى بها منها الثوب، وسلَّم المبلغَ إليها، ثمّ قبضه منها الخازن، وقال له: أنفِقْ هَذِهِ الألف منها فِي عمارة المسجد.

وقال: احفظ هَذَا الثوب لكَفَنِي أَلْقى اللَّه فِيهِ [٣] .

وكان لا يُبالي بأبناء الدنيا ولا يتضعضع لهم.

وحُكِي أنّ السلطان اجتاز بباب مسجده، فدخل مراعاةً له، وكان يُصلّي، فَمَا قطع صلاته، ولا تكلَّف حَتَّى أتمّها. فقال السلطان: فِي دولتي مَن لا يخافني ولا يخاف إلا اللَّه [٤] .

وحيث وقع القحط سنة إحدى وستين كان ينصب القُدُور ويطبخ، ويُحضر كل يوم ألف منّا خبز ويطعم الفقراء.

وكان فِي الخريف يتّخذ الجباب والقُمُص والسراويلات للفقراء، ويجهّز بنات الفقراء، ورفع الأعشار من أبواب نَيْسابور. وكان متهجّدًا يقوم اللّيل،


[ () ] والوزير في بناء الجامع المنيعي بنيسابور، فأجيب إلى مسألته، فعمد إلى خالص ما له وأنفق في بنائه الأموال الجزيلة، وكان لا يفتر آونة من ليل ولا ساعة من نهار مخافة تغيّر الأمور، واضطراب الآراء إلى أن تم، وأقيمت الجمعة فيه، وصار جامع البلد المشهور، وهو الّذي كان إمام الحرمين خطيبه.
حج وسمع وصحب المشايخ، وسمع من أبي بكر محمد بن ريذة، سمع منه أبو الحسن الحافظ، والجامع المنيعي ينسب إليه» .
[١] في ذيل الأنساب، ولم يصلنا.
[٢] في الأصل: «وهي تبنيه» .
[٣] سير أعلام النبلاء ١٨/ ٢٦٦، ٢٦٧، طبقات الشافعية للسبكي ٤/ ٣٠٠.
[٤] المنتظم ٨/ ٢٧٠ (١٦/ ١٣٥) ، الكامل في التاريخ ١٠/ ٦٩.