للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويستأذنه أن يدخل المدينةَ ويقول: إنّ عنده أعمالًا كثيرة فيها منافع للنّاس:

إنّه حدّاد نقاش نجّار، فأذِن له أن يُرْسِلَ به، وضرب عليه المُغِيرَة مائة دِرْهَمٍ في الشهر، فجاء إلى عُمَر يشتكي شدة الخراج، قَالَ: مَا خراجك بكثير.

فانصرف ساخطًا يتذمّر، فلبث عُمَر ليالي [١] ثُمَّ دعاه فَقَالَ: ألم أُخْبَرْ أنّك تقول: لو شاء لَصَنَعْتُ رحًى تَطْحَنُ بالرّيح؟ فالتفت إلى عمر عابسا وقال:

لأَصْنَعَنَّ لك رحًى يتحدث النَّاس بها، فلمّا وُليّ قَالَ عُمَر لأصحابه: أوعدني العبدُ آنفًا. ثمّ اشتمل أَبُو لؤلؤة على خِنْجَرٍ ذي رأسين نصابه في وسَطِه، فكمن في زاويةٍ من زوايا المسجد في الغَلَس [٢] .

وَقَالَ عمرو بْن ميمون الأوديّ: إنّ أبا لؤلؤة عبد المُغِيرَة طعن عُمَر بخنجرٍ له رأسان وطعن معه اثني عشر رجلًا، مات منهم ستّة، فألقى عليه رجل من أهل العراق ثوبًا، فلمّا اغتمّ فيه قتل نفسه [٣] .

وَقَالَ عامر بْن عبد الله بْن الزُّبَيْر عن أَبِيهِ قَالَ: جئت من السّوق وعمر يتوكّأ عليّ، فمرّ بنا أَبُو لؤلؤة، فنظر إلى عُمَر نظرةً ظَننْتُ أنّه لولا مكاني لبَطَش به، فجئت بعد ذلك إلى المسجد الفجر فإنّي لَبَيْن النّائم واليَقْظان، إذ سمعت عُمَر يَقُولُ: قتلني الكلبُ، فماج النّاس ساعةً، ثُمَّ إذا قراءة عبد الرحمن بْن عوف.

وَقَالَ ثابت البُناني، عَنْ أبي رافع: كان أَبُو لؤلؤة عبدًا للمُغِيرة يصنع الأرحاء، وكان المغيرة يستغلّه [٤] كل يومٍ أربعة دراهم، فلقي عمر فقال: يا


[١] في النسخة (ع) «لياليا» ، وهو خطأ، لأنّ «ليالي» ممنوعة من الصرف.
[٢] طبقات ابن سعد ٣/ ٣٤٥، تاريخ الخلفاء ١٣٣، وانظر تعليق الأستاذين الأخوين: علي وناجي الطنطاوي في: سيرة عمر بن الخطاب ٢/ ٦٠٧ حول هذه الرواية.
[٣] طبقات ابن سعد ٣/ ٣٤٠، تاريخ الخلفاء ١٣٤.
[٤] هكذا في الأصل والمصادر الأخرى، وعند الحاكم في المستدرك «يستعمله» .