للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمير المؤمنين إنّ المُغِيرَة قد أثقل عليّ فكلِّمْه، فَقَالَ: أحْسِنْ إلى مولاك، ومن نِيَّة عُمَر أنْ يكلّم المُغِيرةَ فيه، فغضب وَقَالَ: يسع النّاس كلَّهم عدلُهُ غيري، وأضمر قتْلَه واتّخذ خِنْجَرًا وشحذه وسَمَّه، وكان عُمَر يَقُولُ: «أقيموا صفوفكم» قبل أنْ يكبّر، فجاء فقام حِذاءه في الصّفّ وضربه في كَتِفِه وفي خاصرته، فسقط عُمَر، وطعن ثلاثة عشر رجلًا معه، فمات منهم ستّة، وَحُمِلَ عمرُ إلى أهله وكادت الشمس أن تطلع، فصلّى ابن عَوْف بالنّاس بأقصر سورتين، وأُتي عُمَر بنبيذٍ فشربه فخرج من جُرْحه فلم يتبيّن، فسَقَوْه لَبَنًا فخرج من جرحه فقالوا: لَا بأس عليك، فَقَالَ: إنْ يكن بالقتل بأس فقد قُتِلْتُ [١] ، فجعل النَّاس يُثْنون عليه ويقولون: كنتَ وكنتَ، فَقَالَ: أما واللهِ وَدِدْتُ أني خرجت منها كفافًا لَا عليّ ولا لي وأنّ صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت لي [٢] .

وأثنى عليه ابن عباس، فَقَالَ: لو أنّ لي طِلَاعَ الأرض ذَهَبًا [٣] لافتديت به من هول [٤] المُطَّلَع [٥] ، وقد جعلتُها شُورَى في عثمان وعليّ وطلحة والزّبير وعبد الرحمن وسعد. وأمر صُهَيْبًا أنْ يصلّي بالنّاس، وأجّل الستَّة ثلاثًا [٦] .

وعن عمرو بْن ميمون أنّ عُمَر قَالَ: «الحمد للَّه الَّذِي لم يجعل منيّتي


[١] إلى هنا تنتهي الرواية عند الحاكم في المستدرك ٣/ ٩١.
[٢] طبقات ابن سعد ٣/ ٣٥٣، مجمع الزوائد ٩/ ٧٦، ٧٧ وفيه: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح، وأسد الغابة ٤/ ٧٥، مناقب عمر لابن الجوزي ٢١٧.
[٣] أي ما يملأ الأرض ذهبا حتى يطلع عنها ويسيل. (النهاية لابن الأثير) .
[٤] في طبعة القدسي ٣/ ١٦١ «هو» بدل «هول» والتصويب من طبقات ابن سعد ٣/ ٣٥٢ وغيره.
[٥] المطّلع: الموقف يوم القيامة. (النهاية لابن الأثير) .
[٦] انظر طبقات ابن سعد ٣/ ٣٤٤، والمستدرك للحاكم ٣/ ٩٢، والاستيعاب لابن عبد البرّ ٢/ ٤٦٨، ٤٦٩، مجمع الزوائد ٩/ ٧٧، مناقب عمر لابن الجوزي ٢١٩، تاريخ الخلفاء ١٣٤.
وأجّل السّتّة ثلاثا: أي ثلاثة أيّام.