للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحد. ولو كنَّا ننتسب إِلَى مذهب أحد لقيل: أنتم تضعون له الحديث [١] .

وكان أبو مُسْلِم من بقايا الحفاظ. ذُكِر لإسماعيل بْن الفضل فقال: له معرفة بالحديث. سافَرَ الكثير وسمع، وأدرك الشيوخ.

وذكره أبو زكريا يحيى بن منده فقال: أحد من يدعي الحفظ والإتقان، إلا أنه كان يُدلس. وكان متعصّبًا لأهل البِدَع، أحوَل، شَرِه، وقّاح، كلّما هاجت ريحٌ قام معها. صنَّف «مُسْنَد الصحيحين» ، وخرج إِلَى خُوزستان [٢] فمات بها [٣] .

قال السمعاني [٤] : أبو مُسْلِم خرج على عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عُبد اللَّه بْن مَنْده عم يحيى، وكان يُردّ عليه [٥] .

وقال الدّقّاق: وَرَدَ أبو مُسْلِم إصبهان، فنزل فِي جوار الشَّيْخ عَبْد الرَّحْمَن، وتزوّج ثُمّ، وأحسن إليه الشَّيْخ. ثُمَّ فارقه وخرج على الشَّيْخ وأفرط، وبالغ فِي سفاهته، وطاف فِي المساجد والقُرى، وشنَّع عليه، وسمّاهُ «عدوّ الرَّحْمَن» ، ليأخذ منهم الشيء الحقير التّافه [٦] .

وكان ممّن يعرف علم الحديث والصحيح، وجمع بين «الصّحيحين» في دفاتر كثيرة اشتريتها من تركته لا من بركته [٧] .


[١] في السؤالات: «الأحاديث» .
[٢] في الأصل: «خوزستان» بالراء، وهي بالزاي، بضم أوله، وبعد الواو الساكنة زاي، وسين مهملة، وتاء مثنّاة من فوق، وآخره نون. اسم لجميع بلاد الخوز، ليس بها جبال ولا رمال إلّا شيء يسير يتاخم نواحي تستر وجنديسابور وناحية إيذج وأصبهان. (معجم البلدان ٢/ ٤٠٥) وفي (الأنساب ٣/ ٤٠٧) مات بكور الأهواز.
[٣] تذكرة الحفاظ ٤/ ١٢٣٦، سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٠٨، لسان الميزان ٤/ ٣١٩.
[٤] قوله ليس في (الأنساب) ولعلّه في (الذيل) .
[٥] قال ابن حجر: «وتعقّبه أبو سعد ابن السمعاني بأن الليثي كان يحطّ على أبي القاسم بن مندة عم يحيى وكان بينهما اختلاف في المعتقد» . (لسان الميزان ٤/ ٣١٩، ٣٢٠) .
[٦] قال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٠٨) : «آل مندة لا يعبأ بقدحهم في خصومهم، كما لا نلتفت إلى ذمّ خصومهم لهم، وأبو مسلم ثقة في نفسه» .
[٧] قال محمد بن عبد الواحد الدقاق: الحفّاظ الذين شاهدتهم: أبو مسلم الليثي، قدم علينا أصبهان، وكان أحفظ من رأيت للكتابين، جمع بين الصحيحين في أربعين سنة. (سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٠٩) قال ابن حجر: «يعني عمل عليهما مستخرجا» ، (لسان الميزان ٤/ ٣١٩) .