[٢] العبارة في الطبقات بأطول ممّا هنا: «وكان أحد الشهود المذكورين، شهد عند قاضي القضاة أبي علي عبد الله الدامغانيّ في يوم الثلاثاء الثاني من شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. وشهد بعده القاضي أبو علي يعقوب، وأبو الحسن المبارك بن عمر الخرقي، وتولّى تزكيتهم الوالد السعيد. ولم يزل يشهد سنين كثيرة، إلى أن ترك الشهادة قبل وفاته بسنين كثيرة تورّعا. ولم يزل على الطريقة الحسنة المرضيّة، سالكا نهج الوالد السعيد، والسلف الصالح الرشيد. ثم انتقل في سنة ست وستين إلى باب الطاق، وسكن درب الديوان من الرصافة لأجل ما لحق نهر المعلّى من الغرق. ودرّس بجامع المهدي، وبالمسجد الّذي على باب درب الديوان. وكنت أمضي إليه في طلب العلم إلى هناك، أنا وجماعة من الأصحاب، فكان له مجلس للنظر في كل يوم اثنين. ويقصده جماعة من الفقهاء والمخالفين. ويتكلّم في بعض الأوقات تارة مبتدئا، وتارة مستدلّا إلى سنة تسع وستين. فوصل إلى مدينة السلام، بالجانب الشرقي ولد القشيري، وأظهر على الكرسي مقالة الأشعري، ولم تكن ظهرت قبل ذلك على رءوس الأشهاد، لما كان يلحقهم من أيدي أصحابنا وقمعهم لهم، فعظم ذلك عليه، وأنكره غاية الإنكار. وعاد إلى نهر المعلّى منكرا لظهور هذه البدعة، وقمع أهلها، فاشتدّ أزر أهل السّنّة، وقويت كلمتهم، وأوقعوا بأهل هذه البدعة دفعات، وكانت الغلبة لطائفتنا، طائفة الحق. فلما أدحض الله تعالى مقالتهم، وكسر شوكتهم، عظم ذلك على رؤسائهم، وأجمعوا للهرب والخروج عن بلدنا إلى خراسان. فبلغ ذلك وزير الوقت فقال: ما الّذي حملكم على ذلك؟ فأظهروا الشكاية ممّا قد تمّ عليهم. فوعدهم بأن يكفّ عنهم ذلك، واجتمعوا ودبّروا على حضور شيخنا الشريف عندهم. فأنفذ إليه وزير الوقت، فقال: قد عرض أمر لا بدّ من مشاورتك فيه. فلما دخل إلى باب العامّة عدلوا به إلى دار في القرية، قد أفردت له، ومنع معظم الأصحاب من الدخول عليه، وكانوا قد تخرّصوا عليه، ورفعوا إلى إمام الوقت الكذب والزور والبهتان، في أشياء لا يحتمل كتابنا ذكرها. قد نزّه الله تعالى مذهبنا وشيخنا عنها. ولم يزل عندهم مدّة أشهر، وكانوا قد عرضوا عليه أشياء من دنياهم، فلم يقبلها، ولم يأكل لهم طعاما مدّة مقامه عندهم، وداوم الصيام في تلك الأيام» . (٢/ ٢٣٨، ٢٣٩) . [٣] طبقات الحنابلة ٢/ ٢٤٠.