[٢] قال ابن أبي يعلى: «وكان الوالد السعيد- في مرضه الّذي مات فيه- قد أوصى أن يغسّله الشريف أبو جعفر، فحضر وتولّى ذلك بنفسه، وعرف ذلك الإمام القائم بأمر الله. فلما حضرت القائم بأمر الله الوفاة قال: يغسّلني الّذي غسّل ابن الفراء، ابن أبي موسى. وعدل عن جميع أهل العلم والقضاة والأشراف. ففعل. وكان ذلك في يوم الخميس ثالث عشر شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة. فصعد باب الغرفة وأدخل من هناك إلى حجرة الإمام القائم بأمر الله، وهو ميت مسجّى فيها. فغسّله وعاونه في غسله- من صبّ ماء وغيره- عفيف، وصافي، وسلامة، ومسعود، في المطبوع تحرّف إلى: «مسعود» . وتنزّه أن يأخذ ممّا هناك شيئا، فقيل له: قد أوصى لك أمير المؤمنين بأشياء كثيرة من المال والثياب، هي حاضرة هناك، لها قيمة، فأبي أخذها، فقيل له: فقميص أمير المؤمنين تتبرّك به. فأخذ فوطة نفسه، فنشّف بها الإمام القائم بأمر الله وقال: قد لحق هذه الفوطة- وهي ملكي- بركة أمير المؤمنين، ولم يأخذ القميص. فقلت له بعد اجتماعي معه: أين سهمنا ممّا كان هناك؟ فقال: أحببت حال شيخنا والدك الإمام أبي يعلى، يقال: هذا غلامه تنزّه عن هذا القدر الكثير. فكيف لو كان الوالد السعيد؟ ... وقد بلغ من قدره ومحلّه عند الإمام المقتدي بأمر الله، أنه لما فرغ شيخنا الشريف من غسل الإمام القائم بأمر الله، لم يأذن له بالمصير إلى منزله، حتى بايع الناس الإمام المقتدي بأمر الله على الإجماع، واستدعاه لبيعته مفردا مخليا به، فبايعه، ثم قال له شيخنا الشريف في جملة كلامه له: إذا سيّد منّا مضى، قام سيّد ... قؤول بما قال الكرام فعول ثم أذن له بالمضيّ إلى منزله بعد بيعته. وانتهى إليه في وقته الرحلة بطلب مذهب إمامنا أحمد» . (طبقات الحنابلة ٢/ ٢٤٠، ٢٤١) . [٣] المنتظم ٨/ ٣١٧، ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٢٤ وفيه: «وصلّي عليه يوم الجمعة ضحى بجامع المنصور، وأمّ الناس أخوه الشريف أبو الفضل محمد، ولم يسع الجامع الخلق وانضغطوا، ولم يتهيّأ لكثير منهم الصلاة، ولم يبق رئيس ولا مرءوس من أرباب الدولة، وغيرهم إلّا حضره، إلّا من شاء الله، وازدحم الناس على حمله. وكان يوما مشهودا بكثرة الخلق، وعظم