للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَبْد اللَّه الحافظ يقول: قد تعجبت من حالي فِي سَفَري وحَضَري مع الأقربين منّي والأبعدين، والعارفين بي والمُنْكِرين، فإنّي وجدتُ بمكة وبخُراسان وغيرهما من الآفاق التي قصدتها، من صِبايّ وإلى هَذَا الوقت، أكثر من لقيته بها، موافقًا أو مخالفًا، دعاني إِلَى مساعدته على ما يقوله، وتصديق قوله، والشهادة له فِي فِعْله على قبولٍ ورِضى. فإنْ كنت صدقته فيما كان يقوله، وأجزت له ذلك كما يفعل أَهْل هَذَا الزّمان، سماني موافقًا، وإنْ وقفتُ فِي حرف من قوله، وَفِي شيء من فِعله، سماني مخالفًا. وإنْ ذكرتُ فِي واحدٍ منهما أن الكتاب والسُّنّة بخلاف ذلك، سماني خارجيًّا. وإنْ قُرئ عليَّ حديثٌ فِي التوحيد، سماني مشبِّهًا، وإنْ كان فِي الرؤية سماني سالميًّا.

إِلَى أن قال: وأنا متمسكٌ بالكتاب والسُّنّة، متبرّئ إِلَى اللَّه من الشِّبْه والمِثْل، والضد والنّد، والجسم والأعضاء والآلات متبرّئ إِلَى اللَّه مِن كل ما يشبه الناسبون إليَّ ويدّعيه المدَّعون عليّ، مِن أن أقول فِي اللَّه شيئًا مِن ذلك، أو قلته، أو أراه، أو أتوهّمه، أو أتجرّأه، أو أنتحله [١] ، أو أصفه به [٢] ، وإن كان على وجه الحكاية. سبحانه وتعالى عمّا يقولُ الظالمون عُلُوًّا كبيرًا.

وقال أبو زكريا يحيى بن منده: كان عميّ رحمه اللَّه سيفًا على أَهْل البِدَع، وأكبر من أن يُثني عليه مثلي. كان والله آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، وفي الغدوّ والآصال ذاكرًا، ولنفِسه فِي المصالح قاهرًا. فأعقب اللَّه من ذَكَره بالشّرّ الندامة إِلَى يوم القيامة. وكان عظيم الحِلْم كثير العلم [٣] .

وُلِد سنة ثلاثٍ وثمانين [٤] .

قرأت عليه حكاية شُعْبة: مَن كتبَ عَنْهُ حديثًا فأنا له عبدٌ. فقال عمي: من كتب عني حديثًا فأنا له عبد [٥] .


[١] إلى هنا في: ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٢٨، ٢٩، وتذكرة الحفّاظ ٣/ ١١٦٧.
[٢] إلى هنا في: سير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٥١.
[٣] سير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٥٢، ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٢٨.
[٤] تقدّم في أول الترجمة أنه ولد سنة ٣٨١، وانظر التعليق في الحاشية.
[٥] سير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٥٢.