للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويده فِي يد رَجُل عليه جُبّة زرقاء، وَفِي عينه نكتة، فسلّمتُ عليه، فلم يردّ وقال: لِمَ تشتُم هَذَا إذا سمعتَ اسمه؟ فَقِيل لي فِي المنام: هَذَا أمير المؤمنين عُمَر، وهذا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ.

فانتبهت، ثُمَّ رجعتُ إِلَى إصبهان، وقصدت الشَّيْخ عَبْد الرَّحْمَن، فَلَمَّا دخلت عليه ورأيته، صادفته على النَّعْت الَّذِي رَأَيْته فِي المنام، وعليه جُبّة زرقاء، فلمّا سلمت عليه قال: وعليك السلام يا أَبَا طَالِب. وقبل ذلك ما رآني ولا رَأَيْته، فقال لي قبل أن أكلّمّه: شيءٌ حرَّمه اللَّه ورسوله، يجوز لنا أنْ نُحِلَّه؟

فقلتُ له: اجعلني فِي حِلٍّ. ونَشَدْتُه اللَّه، وقبّلتُ عينيه، فقال: جعلتك فِي حِلٍّ فيما يرجع إليَّ [١] .

قال السمعاني: سَأَلت أَبَا القاسم إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن الفضل الحافظ، عن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَبْد اللَّه، فسكت ساعة وتوقّف، فراجعته، فقال: سمع الكثير، وخالف أَبَاهُ فِي مسائل، وأعَرض عَنْهُ مشايخ الوقت، وما تركني أَبِي أسمع منه.

ثُمَّ قال: كان أخوه خيرًا منه [٢] .

وقال المؤيّد ابن الإخوة: سمعت عَبْد اللطيف بْن أَبِي سعد الْبَغْدَادِي، سمعت أَبِي، سمعتُ صاعد بْن سيّار الهَرَويّ: سمعت الْإِمَام عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ يقول فِي عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ: كان مَضَرّته فِي الْإِسْلَام أكثر من مَنْفَعَته [٣] .

ذكر يحيى أن عمّه تُوُفّي فِي سادس عشر شوال، وغسّله أَحْمَد بْن مُحَمَّد


[١] تذكرة الحفّاظ ٣/ ١١٦٧، ١١٦٨، سير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٥٣، فوات الوفيات ٢/ ٢٨٨، ٢٨٩، ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٢٩.
[٢] تذكرة الحفّاظ ٣/ ١١٦٨، سير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٥٣، ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٢٨.
[٣] التقييد لابن نقطة ٣٣٧، تذكرة الحفّاظ ٣/ ١١٦٨، سير أعلام النبلاء ١٨/ ٣٥٣، ٣٥٤، ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٢٨، وفيه قال ابن رجب: «وهذا ليس بفادح- إن صحّ- فإن الأنصاريّ والتيميّ وأمثالهما يقدحون بأدنى شيء ينكرونه من مواضع النزاع، كما هجر التيمي عبد الجليل الحافظ كوباه على قوله: «ينزل بالذات» ، وهو في الحقيقة يوافقه على اعتقاده، لكن أنكر إطلاق اللفظ لعدم الأثر به» .