وقد لقي ابن حيّوس جماعة من الملوك والأكابر ومدحهم، وأخذ جوائزهم، وكان منقطعا إلى بني مرداس أصحاب حلب، وله فيهم القصائد الأنيقة، ودخل طرابلس وصور. قال الصفدي: كان أوحد زمانه في الفرائض، واستخلف من قبل الحكّام على الفرائض والتزويجات. دخل طرابلس في أوائل سنة ٤٦٤ هـ. بعد أن ترك دمشق مغيظا محنقا وخائفا يترقّب، وإلى ذلك يشير بقوله: وللحمية لا عن زلة حكمت ... بالبعد فارقت أفدانا وخلانا تخيفني بلد حتى أعود إلى ... أخرى كأني عمران بن حطّانا ولم يكد يستقرّ في طرابلس ويترفق في الوصل إلى صاحبها القاضي أمين الدولة ابن عمّار حتى توفي أمين الدولة في منتصف رجب من سنة ٤٦٤، وخلفه ابن أخيه جلال الملك ابن عمار، فقال ابن حيّوس قصيدة يرثي بها أمين الدولة ويعزي جلال الملك: ذد بالعزاء الهمّ عن طلباته ... لا تسخطنّ الله في مرضاته لك من سدادك مخبر بل مذكر ... إن الزمان جرى على عادته.. وكتب ابن حيّوس وهو بطرابلس إلى سديد الملك ابن منقذ وهو بحلب: أمّا الفراق فقد عاصيته فأبى ... وطالت الحرب إلا أنه غلبا أراني البين لمّا حمّ عن قدر ... وداعنا كل جدّ بعده لعبا وحين أتى سديد الملك إلى طرابلس نصح ابن حيّوس بالخروج من طرابلس لنفور بني عمّار منه ومن مواقفه نحو الفاطميين، وأشار عليه بالذهاب إلى حلب، فانتقل إليها سنة ٤٦٥ هـ وانقطع إلى بني مرداس، وبها التقى بالشاعر ابن الخياط الدمشقيّ ونصحه بأن ينزل طرابلس. وقد نزل ابن حيّوس مدينة صور، وكتب بها إلى قاضيها الناصح عين الدولة أبي الحسن بن عياض يعاتبه في وقوف ما كان له في دار وكالته، ويشكو إليه ابن السمسار الّذي سطا على ماله وعامله بالجور: كلانا إذا فكرت فيه على شفا ... وقد مرّ في التعليل والمطل ما كفا وإني لأخفي ما لقيت صيانة ... لعرضك فامنن قبل أن يبرح الخفا [٢] انظر عن (محمد بن عبد العزيز الكرابيسي) في: المنتخب من السياق ٦١ رقم ١١٧.