للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال محمد بن عبد الملك في «تاريخه» : في ذي الحِجّة تُوُفّي أبو عليّ بن الوليد شيخ المعتزلة وزاهدهم، ولم نعرف في أعمارنا مثل تورُّعه وقناعته. تورَّع عن ميراثه من أبيه، وقال: لم أتحقق أنه أخذ حرامًا، ولكنّي أعافُه. ولمّا كبر وافتقر جعل ينقض داره، ويبيع منها حسبةً، يتقوَّت بها. وكانت من حِسان الدُّور. وكان يلبس الخَشِن من القُطْن.

وقال أبو الفضل بن خيرون: تُوُفّي في خامس ذي الحِجّة، ودُفن في الشُّونِيزيّة، إلى جَنْب أبي الحَسَن البصْريّ أستاذه. وكان يدرّس الاعتزال والمنطق. وكان داعية إلى الاعتزال [١] .

٢٦٠- محمد بن خيرة [٢] .

أبو عبد الله بن أبي العافية الأندلسيّ. من كبار فقهاء المَرِيّة، وممّن شُهِر بالحِفْظ [٣] .


[١] وقال ابن الأثير: «كان أحد رؤساء المعتزلة وأئمّتهم، ولزم بيته خمسين سنة لم يقدر على أن يخرج منه من عامّة بغداد. وأخذ الكلام عن أبي الحسين البصري، وعبد الجبّار الهمذاني القاضي. ومن جملة تلاميذه ابن برهان، وهو أكبر منه» . (الكامل ١٠/ ١٤٦) .
وانظر: الوافي بالوفيات ٢/ ٨٥، ٨٦، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٩٠ وفيه قال المؤلّف- رحمه الله-: «وما تنفع الآداب والبحث والذكاء، وصاحبها هاو بها في جهنّم» !.
وقد سئل أبو الفضل بن ناصر عنه، فقال: لا يحتجّ به.
وقال ابن السمعاني: كان من أهل الكرخ داعية إلى الاعتزال، كان عنده حديث واحد عن أبي الحسن بن المظفّر، عن البصري، وكان عنده ديوان أبي الطيب المتنبي. (لسان الميزان) .
وقال ابن المرتضى: له رياسة ضخمة ومحلّ كبير، وهو من المصنفين. (طبقات المعتزلة) . أما «الشونيزيّة» فهي المقبرة المشهورة ببغداد. (الأنساب ٧/ ٤١٤) .
ومن شعر الكرخي:
أيا رئيسا بالمعالي ارتدى ... واستخدم العيّوق والفرقدا
ما لي لا أجرى على مقتضى ... مودّة طال عليها المدى
إن عبثت لم أطلب وهذا ... سليمان بن داود نبيّ الهدى
تفقّد الطير على ملكه ... فقال: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ ٢٧: ٢٠
(الوافي بالوفيات ٢/ ٨٥) ، والشعر فيه تضمين للآية ٢٠ من سورة النمل.
[٢] انظر عن (محمد بن خيرة) في: الصلة لابن بشكوال ٢/ ٥٥٤، ٥٥٥ رقم ١٢١٦، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ٤/ ١٧٧، ١٧٨ رقم ١٤٠٤.
[٣] قال ابن بشكوال: «وكان من جلّة العلماء وكبار الفقهاء، اشتهر بالحفظ والعلم والذكاء والفهم.
وكان يستشار في الأحكام بقرطبة.