للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن لا يُسْمِعَني، ولا يكتب إجازة، فأوّل ما فاتحتُه الكلام خلّط في كلامه، وأجابني على غير سؤالي حَذرًا أنْ أكون مدسوسًا عليه، حتّى بسطتّه، وأعلمته أنّي من أهل الأندلس أريد الحج، فأجاز لي لفظا، وامتنع من غير ذلك [١] .

وقال ابن ماكولا: [٢] كان الحبّال مكثِرًا ثقة، ثبْتًا، ورِعًا، خيِّرًا. ذكر أنّه مولى لابن النُّعْمان قاضي قُضاة مصر.

وحدَّث عنه ابن ماكولا وذكر أنّه ثبَّته في غير شيء.

وروى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب إجازة، ثمّ قال: وحدَّثني عنه أبو عبد الله الحُمَيْديّ [٣] .

وقد أتى الحبّال بعض الطَّلَبة، قبل أن يمنعه بنو عُبَيْد من الرّواية، ليسمعوا منه جزءًا، فأخرج به عشرين نسخة، وناول كلّ واحدٍ نسخةً يُعارض بها [٤] .

وقال الحافظ محمد بن طاهر: سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يقول: كان عندنا بمصر رجلٌ يسمع معنا الحديث، وكان متشدّدًا. وكان يكتب السّماع على الأصول، ولا يكتب اسم رجلٍ حتّى يستحلفه أنّه سمع الجزء، ولم يذهب عليه منه شيء.

وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُنَّا نَقْرَأُ عَلَى شَيْخٍ جُزْءًا، فَقَرَأْنَا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ» [٥] . وَكَانَ فِي الْجَمَاعَةِ رَجُلٌ مِمَّنْ يَبِيعُ الْقَتَّ، وَهُوَ عَلَفُ الدَّوَابِّ، فَقَامَ وَبَكَى، وَقَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ بَيْعِ الْقَتِّ. فَقِيلَ: لَيْسَ هُوَ الَّذِي يَبِيعُ الْقَتَّ، وَلَكِنَّهُ النَّمَّامُ الَّذِي يَنْقُلُ الْحَدِيثَ مِنْ قَوْمٍ إِلَى قوم.

فسكن بكاؤه وطابت نفسه [٦] .


[١] انظر: تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٩٢، ١١٩٣، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٩٧.
[٢] في الإكمال ٢/ ٣٧٩.
[٣] انظر: تذكرة الحافظ ٣/ ١١٩٣، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٩٨.
[٤] انظر: تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٩٣، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٩٩.
[٥] أخرجه الإمام أحمد من حديث حذيفة في المسند ٥/ ٣٨٢ و ٣٨٩ و ٣٩٢ و ٣٩٧ و ٤٠٢ و ٤٠٤، والبخاري في الأدب ١٠/ ٣٩٤ باب: ما يكره من النميمة، ومسلم في الإيمان (٢١٠٥) باب:
بيان غلظ تحريم النميمة، وأبو داود (٤٨٧١) ، والترمذي (٢٠٢٦) .
[٦] انظر: تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٩٣، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٩٩.