للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاثين ألف دينار، فخرج إليه طراد النّقيب، وأظهر أنّه في رساله إلى ابن مروان، فلمّا عاد طراد من ميافارقين خرج ابن جَهير لتوديعه، فصَحِبه إلى بغداد، ومعه ولداه عميد الدّولة أبو منصور محمد، وزعيم الرّؤساء أبو القاسم، فتلقّاه أرباب الدّولة. ووَزَرَ للقائم، ولقَّبه فخر الدّولة. وكانت الخطْبة بالشّام جميعه إلى عانَة تقام للمصريّين، فكاتب فخر الدّولة أهل دمشق، وبني كلب ومحمود بن الرّوقليّة [١] صاحب حلب والمتميّزين بها وجماعتهم أصدقاؤه، يدعوهم إلى الدّعوة العبّاسيّة، فأجابوه، وجاءت رُسُلهم بالطّاعة.

قال: وعزل القائم في سنة ستّين، وأُخرج من بغداد، ورشّح للوزارة أبو يَعْلَى كاتب هزارسب، وطُلب من همدان، فأتته المنيّة بغتةً لسعادة ابن جَهير فطلبه القائم وأعاده إلى الوزارة. وبقي إلى أن عُزِل في أوّل سنة سبعين، فإنّ السُّعاة سَعَت بينه وبين نظام المُلْك وزير السّلطان، فكلَّف النّظّام السّلطان إن يكتب إلى الخليفة يطلب منه أن يعزل ابن جَهير، فعزله. ثمّ صارت الوزارة إلى ولده عميد الدّولة.

قال محمد بن أبي نصر الحُمَيْديّ: حدَّثني أبو الحسن محمد بن هلال بن الصّابيء: حدّثني الوزير فخر الدّولة بن جهير: حدَّثني نصير الدّولة أبو نصر صاحب آمِد وميافارقين قال: كان بعض مقدَّمي الأكراد معي على الطّبق، فأخذت حجلةً مَشْوِيّة، فناولته، فأخذها وضحِك.

فقلتُ: ممّ تضحك؟

قال: خَبرٌ.

فألححت عليه، ودافع عن الجواب، حتّى رفعت يدي وقلت: لا آكل حتّى تعرّفني.

فقال: شيء ذكَّرَتْنيه الحجْلة، كنتُ أيّام الشّباب قد أخذت تاجرا وما معه،


[١] هكذا في الأصل بالراء المهملة. ويأتي في بعض المصادر بالزاي المعجمة.