للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرّبته لأذبحه خوفا من غائلته، فقال: يا هذا، أخذتَ مالي، فَدَعني أرجع إلى عيالي فأكدّ عليهم. وبكى وتضرَّع إليَّ، فلم أرقّ له، فلمّا آيس من الحياة التفتَ إلى حجْلين على جبلٍ وقال: اشهدا لي عليه عند الله أنّه قاتلي ظُلْمًا.

فقتلته، فلمّا رأيت الحجلة الآن ذكرت حمقه في استشهاده الحجل عليَّ.

قال ابن مروان: فحين سمعت قوله اهتززت حتّى ما أملك نفسي، وقلت:

قد والله شهدت الحجلتان عليك عند مَن أقادك بالرجل. وأمرتُ بأخْذه، وكتّفوه، ثمّ ضُرِبت رقبته بين يديّ، فلم آكل حتّى رأيتُ رأسَه يتبرّأ من بدنه.

قلتُ للوزير: قد والله ذكر التّنُوخيّ في كتاب «النّشْوار» [١] مثل هذه الحكاية بعينها، عن الراسبيّ عامل خورسان [٢] ، لا تزيد حرفا، ولا تنقص حرفا. وعَجِبْنا من اتفاق الحكايتين [٣] .

تُوُفّي فخر الدّولة في يوم الثّلاثاء ثامن صفر سنة ثلاثٍ بالموصل.

١٠٦- محمد بن المؤمّل بن محمد بن إسحاق [٤] .

أبو صالح النَّيْسابوري البُشْتيّ [٥] .

شيخ صالح عابد.

سمع: أبا عبد الرحمن السّلميّ، وأبا زكريا المزكّي. وتوفّي بأصبهان.


[١] نشوار المحاضرة- ج ٣/ ٢٠٨- ٢١٠ رقم الحكاية (١٣٦) .
[٢] هكذا في الأصل وهو كان عامل جنديسابور.
[٣] في الهامش: قال كاتبه: ورأيت في كتاب «الإمتاع والمؤانسة» ما معناه أنّ حكيما قصد مجمعا للحكماء فقطع عليه الطريق فأخذ ما معه وطلب قتله فاستقال فلم يقل فلما آيس من الحياة كلّم طيورا، لا أدري أحجلا قال أم غيرها، وقال: أبلغي الحكماء أنهم قتلوني ظلما. ثم إن اللصوص حضروا ذلك المجمع ورأوا تلك الطيور فقال بعضهم لبعض: أترى هذه الطيور تبلّغ عن ذلك القتيل؟ فسمع بعض الحكماء قولهم فأخبر الملك فاستحضرهم وهدّدهم فأقرّوا فقتلهم.
[٤] انظر عن (محمد بن المومل) في: الأنساب ٢/ ٢٢٨، ٢٢٩.
[٥] البشتي: هذه النسبة إلى بشت، بضم الباء الموحّدة والشين المعجمة والتاء المنقوطة من فوقها بنقطتين، وهي ناحية بنيسابور كثيرة الخير. وقيل: بشت، عرب خراسان لكثرة أدبائها وفضلائها. (الأنساب ٢/ ٢٢٦) .