للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الله وعدني إسلامَ أبي الدَّرْدَاء» قَالَ: فأسلم [١] . وَقَالَ ابن إسحاق: كان الصَّحابة يقولون: أتْبَعُنا للعِلْم والعمل أَبُو الدَّرْدَاء [٢] .

وَقَالَ أَبُو جُحَيْفة السّوائيّ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين سَلْمان وأبي الدَّرْدَاء، فجاءه سلمان يعوده، فإذا أمّ الدّرداء مبتذّلة، فَقَالَ: مَا شأنُكَ؟

قالت: إنّ أخاك أبا الدَّرْدَاء يقوم الليل ويصوم النهار، وليس له في شيءٍ من الدنيا حاجة، فجاء أَبُو الدَّرْدَاء فرحب بسَلْمَان وقرَب إليه طعامًا، فَقَالَ سلمان:

كُلْ، قَالَ: إني صائم، قَالَ: أقسمت عليك لَتُفْطِرَنَّ، فأفطر، ثمّ بات سلمان عنده، فلمّا كان من اللّيل أراد أَبُو الدَّرْدَاء أن يقوم، فمنعه سلمان وَقَالَ: إنّ لجسَدِكَ عليك حقًّا، ولربِّك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، صُمْ وأفِطْر وصلّ [٣] وأتِ أهلَكَ وأعْطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، فلمّا كان وجهُ الصبح قَالَ: قُمِ الآن إنْ شئتَ، فقاما وتوضّئا ثُمَّ ركعا ثُمَّ خرجا، فدنا أَبُو الدرداء ليخبر رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي أمره [٤] سلمان، فَقَالَ «له يا أبا الدَّرداء إنّ لجسدِكَ عليكَ حقًا مثل ما قال لك سلمان» [٥] . وقال سالم بن أبي الجعد: قال أبو الدّرداء: سلوني فو الله لئن فقدتموني لتفقدنّ رجلا عظيما [٦] .


[١] تاريخ دمشق ١٣/ ٣٦٩ ب، وانظر المستدرك ٣/ ٣٣٦، ٣٣٧.
[٢] التاريخ الكبير للبخاريّ ٧/ ٧٧، تاريخ دمشق ١٣/ ٣٧١ ب.
[٣] (وصل) سقطت من ح.
[٤] في منتقى الأحمدية (أخبره) بدل (أمره) والمثبت في نسخة الدار وسير النبلاء وغيرهما.
[٥] أخرجه البخاري في الصوم ٤/ ١٨٢، ١٨٤ باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوّع، وفي الأدب، باب صنع الطعام والتكلّف للضيف، من طريق محمد بن بشار، عن جعفر بن عون، عن أبي العميس عتبة، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وأخرجه الترمذي (٢٤١٥) ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٣/ ٣٧١ ب.
[٦] تاريخ دمشق ١٣/ ٣٧٢ ب.