للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو الحَسَن الهرّاسيّ، الطَّبَرِسْتانيّ، الفقيه الشّافعيّ، عماد الدين.

تفقَّه بنَيْسابور مدّةً عَلَى إمام الحرمين، وكان مليح الوجه، جهْوريّ الصّوت، فصيحًا، مطبوع الحركات، زكيّ الأخلاق.

ثمّ خرج إلى بيْهق، فأقام بها مدّة، ثمّ قِدم العراق، وولي تدريس النّظاميّة ببغداد إلى أن تُوُفّي. وحظي بالحشمة والجاه والتّجمُّل، وتخرَّج بِهِ الأصحاب.

وروى شيئًا يسيرًا عَنْ أَبِي المعالي، وغيره.

روى عنه: سعْد الخير الأنصاريّ، وعبد الله بْن محمد بْن غلّاب الأنباريّ، وأبو طاهر السّلَفيّ.

وكان يستعمل الحديث في مناظراته.

وإلْكِيا: بالعجميّ هُوَ الكبير القدْر، المُقدَّم.

تُوُفّي أوّل المحرَّم [١] .


[١] قال عبد الغافر الفارسيّ: الإمام البالغ في النظر مبلغ الفحول، كان حسن الوجه، مطابق الصوت للنظر، مليح الكلام، محصّل طريقة إمام الحرمين وتخرّج به. (المنتخب ٣٩٦) .
وقال ابن عساكر: وصار من وجوه الأصحاب ورءوس المعيدين في الدرس، وكان ثاني الغزالي، بل أملح وأطيب في النظر والصوت وأبين في العبارة والتقرير منه، وإن كان الغزالي أحدّ وأصوب خاطرا، وأسرع بيانا وعبارة منه، وهذا كان يعيد الدرس على جماعة حتى تخرّجوا به، وكان مواظبا على الإفادة والاستفادة، ثم اتصل بعد موت إمام الحرمين بمجد الملك في زمان بركياروق، وحظي عنده، ثم خرج إلى العراق وأقام مدّة يدرّس ببغداد في المدرسة النظامية إلى أن توفي فيها.
وقال أبو الفضل محمد بن محمد بن محمد بن عطاف الموصلي الفقيه ببغداد: شهدت دفن الكيا رحمه الله في تربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي رحمه الله، وحضر دفنه الشريف أبو طالب الزينبي، وقاضي القضاة أبو الحسن بن الدامغانيّ، وكان مقدّمي أصحاب أبي حنيفة رحمه الله، وكان بينه وبينهما منافسة في حال حياته، فوقف أحدهما عند رأس قبره، والآخر عند رجليه، فقال ابن الدامغانيّ متمثّلا:
وما تغني النوادب والبواكي ... وقد أصبحت مثل حديث أمس
وأنشد الزينبي متمثّلا:
عقم النساء فما يلدن شبيهه ... إنّ النساء بمثله عقم
ورثاه أبو محمد المرتدي الخطيب بقصيدة أوّلها:
قف بالديار مسائلا أطلالها ... مستعلما عن رسمها أحوالها
إن كان يعلم ما يقول معاهد ... درست وخيّمت الخطوب خلالها