للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابن الصّلاح: [١] وأمّا كتاب «المضْنوُن بِهِ عَلَى غير أهله» ، فَمَعَاذ الله أن يكون لَهُ. شاهدتُ عَلَى نسخة بخطّ القاضي كمال الدِّين محمد بْن عَبْد الله ابن الشّهْرزُوريّ أنّه موضوعٌ عَلَى الغزاليّ، وأنّه مخَتَرعٌ مِن كتاب «مقاصد الفلاسفة» ، وقد نقضه بكتاب «التّهافُت» [٢] .

وقال أبو بَكْر الطُّرْطُوشيّ: شحن الغزاليّ كتابه «الإحياء» بالكذِب عَلَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، فلا أعلم كتابًا عَلَى بسطة الأرض أكثر كذبا على رسول الله منه.

ثمّ شبّكه بمذاهب الفلاسفة، ومعاني رسائل إخوان الصَّفَاء وهم قومٌ يرون النُّبُوَّة اكتسابًا. فليس نبيّ في زعمهم أكثر مِن شخص فاضل، تخلَّق بمحاسن الأخلاق، وجانَبَ سفاسفها، وساس نفسه، حتّى مَلَك قيادها، فلا تغلبه شهواته، ولا يقهره سوء أخلاقه، ثمّ ساس الخلق بتلك الأخلاق. وزعموا أنّ المعجزات حيل ومخاريق [٣] .


[ () ] يقدروا على الإتيان بمثلها، وكثير من قواعد المنطق جار عليها، فالتحامل على حجّة الإسلام في هذه المقولة إنما هو من فرط جهالة بمقامه، على أن قوله: فلا ثقة له بعلومه أصلا، المراد به العلوم المأخوذة من الكتب التي بنيت قواعدها على قواعد المنطق لا العلوم المأخوذة من غيرها، والصحابة قد أحاطوا بهذه المقدّمة علما ذوقيّا، ولم يكن عندهم كتب أخذوا منها علومهم، بل كانت كتبهم القرآن العظيم المشتمل على جميع العلوم، وما فهموه من مشكاة نور صاحب الرسالة المعصوم، فحقّق ما أمليته لك تكن من الفائزين» . (طبقات ابن الصلاح ١/ ٢٥٢، ٢٥٣ بالحاشية رقم ٣) .
[١] في طبقاته ٢٦٣.
[٢] هو: تهافت الفلاسفة. طبع عدّة طبعات، أجودها بتحقيق الدكتور سليمان دنيا، طبعة القاهرة ١٩٥٥ م.
وزاد ابن الصلاح عن القاضي الشهرزوريّ: أنه نفذ في طلب هذا الكتاب إلى البلاد البعيدة، فلم يقف له على خبر.
قال ابن الصلاح: وهذه النسخة ظهرت في هذا الزمان الغريب، ولا يليق بما صحّ عندنا من فضل الرجل ودينه.
وقد نقل كتاب آخر مختصر نسب إليه، ولما بحثنا عنه تحقّقنا أنه وضع عليه، وفي آخر هذه النسخة بخطّ آخر: هذا منقول من كتاب حكاية «مقاصد الفلاسفة» حرفا بحروف، والغزالي إنما ذكره في «المقاصد» حكاية عنهم غير معتقد له، وقد نقضه بكتاب «التهافت» وهذا الكتاب فيه التصريح بقدم العالم، ونفي الصفات، وبأنه لا يعلم الجزئيات سبحانه وتعالى، والإشارة إلى إحالة حشر الأجساد بإثبات التناسخ، ولم يكن هذا معتقده. (الطبقات ١/ ٢٦٣، ٢٦٤) .
[٣] اختصره في (سير أعلام النبلاء ١٩/ ٣٣٤) .