للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو العبّاس أحمد الخطيبيّ: كنت يومًا في حلقة الغزّاليّ، رحمه الله، فقال: مات أَبِي، وخلّف لي ولأخي مقدارًا يسيرًا، ففني، بحيث تعذّر القُوت علينا، وصرنا إلى مدرسةٍ نطلب الفقه، لَيْسَ المراد سوى تحصيل القُوت. وكان تعلُّمنا لذلك لَا للَّه. فأبى أن يكون للَّه.

وقال أسعد المَيْهنيّ: سَمِعْتُ الغزّاليّ يَقُولُ: هاجرت إلى أَبِي نصر الإسماعيلي بجُرْجان، فأقمت إلى أن أخذت عَنْهُ «التّعليقة» [١] .

قَالَ ابن النّجّار: وقرأتُ عَلَى أبي القاسم الأَسَديّ العابد بالثّغر، عن أَبِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ الأشيريّ [٢] قال: سمعت أبا محمد عبد المؤمن بن عليّ القيسيّ، سمعت أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن تُومرْت السُّوسيّ يَقُولُ: أبو حامد الغزّاليّ قرع الباب وفُتِح لنا.

قَالَ ابن النّجّار: بلغني أنّ أبا المعالي الْجُوَيْنيّ كَانَ يصف تلامذته يَقُولُ:

الغزّاليّ بحرٌ مُغْرِق، إلْكِيا أسدٌ مخرِق [٣] ، والخَوَافي [٤] نارٌ تحرق [٥] .

وقال أبو محمد العثمانيّ، وغيره: سمعنا محمد بْن يحيى بْن عبد المنعم العَبْدَريّ المؤدّب يَقُولُ: رأيت بالإسكندريّة سنة خمسمائة كأن الشّمس طلعت مِن مغربها، فعبّره لي عابرٌ ببدعةٍ تَحْدُث فيهم، فبعد أيّامٍ وصل الخبر بإحراق كُتُب الغزّاليّ بالمَرِية.

وقال أبو عامر العَبْدري الحافظ: سَمِعْتُ أبا نصر أحمد بن محمد بن عبد


[١] انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٦/ ١٩٥.
[٢] الأشيري: بفتح الهمزة، وكسر الشين، وسكون الياء. نسبة إلى أشير، حصن بالمغرب.
(اللباب) .
وهو: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن علي الأشيري الصنهاجي. توفي سنة ٥٦١ بالشام، ودفن ببعلبكّ ظاهر باب حمص شماليّ البلد، وقبره ظاهر ببعلبكّ. (وفيات الأعيان ٧/ ٨٦، شذرات الذهب ٤/ ١٩٨، موسوعة علماء المسلمين- تأليفنا- القسم الثاني- ج ٢/ ٢٧٤ رقم ٦١٧) .
[٣] في سير أعلام النبلاء ١٩/ ٣٣٦: «أسد مطرق» .
[٤] الخوافي: بفتح الخاء المعجمة والواو، وفاء نسبة إلى خواف، ناحية من نواحي نيسابور كثيرة القرى. وهو أبو المظفّر أحمد بن محمد بن المظفّر الفقيه الشافعيّ.
[٥] وكان الجويني يقول في تلامذته: إذا ناظروا: التحقيق للخوافي، والحدسيات للغزالي، والبيان للكيا. (طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٦/ ٢- ٢) .