للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذنبين مِن شربة الخمور والظَّلَمة، يعني خير منهم.

وقال ابن ناصر: محمد بْن طاهر ممّن لَا يُحْتَجّ بِهِ. صنَّف كتابًا في جواز النَّظر إلى المُرْد [١] ، أورد فيه حكاية يحيى بْن مَعِين أنّه قَالَ: رَأَيْت جارية بمصر مليحة صلّي الله عَليْهَا.

فقيل لَهُ: تصلّي عليها؟! فقال: صلّى الله عليها وعلى كلّ مليح.

ثمّ قَالَ ابن ناصر: كَانَ يذهب مذهب الإباحة [٢] . يعني في النَّظَر إلى المِلاح. وإلّا فلو كَانَ يذهب إلى إباحة مطلَقَة لكان كافرًا، والرجل مُسْلم متَّبِع للأثر، سيّئ. وإن كَانَ قد خالف في أمورٍ مثل جواز السّماع، وقد صنَّف فيه مصنّفًا ليته لَا صنّفه.

وقال ابن السّمعانيّ: سألت عَنْهُ إسماعيل الحافظ، فتوقّف، ثمّ أساء الثّناء عَليْهِ [٣] . وسمعت أبا القاسم بْن عساكر يَقُولُ: جمع ابن طاهر أطراف الصّحيحين، وأبي داود، والتّرْمِذيّ، والنَّسَائيّ، وابن ماجه، وأخطأ فيه في مواضع خطأ فاحشًا. رَأَيْته يخطّ عند أَبِي العلاء العطّار.

وقال ابن ناصر: محمد بْن طاهر كَانَ لُحَنَة وكان يصحّف. قرأ: وإنّ جبينه


[١] تحرّفت في (عيون التواريخ ١٢/ ٢٧) إلى: «المبرد» .
[٢] المنتظم.
[٣] وقال ابن الجوزي: ثم انتصر له السمعاني، فقال: لعلّه قد تاب.
فوا عجبا ممّن سيرته قبيحة فيترك الذمّ لصاحبها لجواز أن يكون قد تاب، فما أبله هذا المنتصر.
ويدلّ على صحّة ما قاله ابن ناصر من أنه كان يذهب مذهب الإباحة، ما أنبأنا به أبو المعمّر المبارك بن أحمد الأنصاريّ، قال: أنشدنا أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي لنفسه:
دع التصوّف والزهد الّذي اشتغلت ... به جوارح أقوام من الناس
وعج على دير داريّا فإنّ به ... الرهبان ما بين قسّيس وشمّاس
ثم استمع رنّة الأوتار من رشأ ... مهفهف طرفه أمضى من الماس
غنّى بشعر امرئ في الناس مشتهر ... مدوّن عندهم في صدر قرطاس
لولا نسيم بذكراكم يروّحني ... لكنت محترقا من حرّ أنفاسي
قال المصنّف- رحمه الله-: فالعجب من ابن السمعاني قد روي عنه هذه القصيدة، وطعن الأكابر فيه، ثم ردّ ذلك بلا شيء! (المنتظم) .