للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المستنصر العُبَيْديّ الرّافضيّ من التّحديث.

قال: فأوّل ما فاتحته الكلام أجانبي على غير سؤالي، حَذرًا أنْ أكون مدسوسًا عليه، حتّى بسطته وأَعلمتُه أنّني من أهل الأندلس أريد الحج، فأجاز لي لفظا، وامتنع من غير ذلك. وأخبرني أنّ مولده سنة إحدى وتسعين، وأنّه سمع من عبد الغنيّ بن سعيد سنة سبع وأربعمائة، وأنّه تُوُفّي سنة ثمانٍ.

ورحل أبو عليّ إلى العراق، فسمع بالبصرة من: جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الفضل العَبَّادانيّ، وعبد الملك بن شَغَبة [١] .

وبالأنبار: الخطيب أبا الحسن عليّ بن محمد بن محمد الأقطع.

وببغداد: عليّ بن الحسين بن قُريش بن الحسن صاحب ابن الصّلت الأهوازيّ، وعاصم بن الحسن الأديب، وأبا عبد الله الحُمَيْديّ، ومالك بن أحمد البانياسيّ.

وبواسط: أبا المعالي محمد بن عبد السّلام بن أُحْمُولَة [٢] .

وتفقّه ببغداد على: أبي بكر الشّاشيّ، وأخذ عنه «التّعليقة الكبرى» .

وأخذ بالشّام عن الفقيه نصر المقدسيّ.

ورجع إلى بلاده في سنة تسعين بعلْمٍ كثير، وأسانيد شاهقة، واستوطن مُرْسِيّة، وجلس للإسماع بجامعها.

ورحل النّاس إليه، وكان عالمًا بالحديث وطُرُقه، عارفًا بعَلله ورجاله، بصيرًا بالجرْح والتّعديل. مليح الخطّ، جيّد الضَّبْط، كثير الكتابة، حافظًا لمصنَّفات الحديث، ذاكرًا لمتُونها وأسانيدها. وكان قائمًا على الصّحيحين [٣] مع «جامع» أبي عيسى. ولّي قضاء مُرْسِيّة، ثمّ استعفى منه فأُعفيَ، وأقبل على نشر العلم وتأليفه [٤] .


[١] شغبة: بالشين والغين المعجمتين المفتوحتين، وباء موحّدة.
[٢] أحمولة: بهمزة مضمومة في أولها.
[٣] قال القاضي عياض: لقد حدّثني الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر أن أبا علي الحافظ قال له: خذ الصحيح، فأذكر أيّ متن شئت منه، أذكر لك سنده، أو أيّ سند، أذكر لك متنه.
[٤] انظر الصلة ١/ ١٤٥.