للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختلفتم أنتم وزيد في عربيّة فاكتبوها بلسان قريش، فإنّ القرآنَ إنّما نزل بلسانهم.

ففعلوا حتّى كُتِبَت المصاحف، ثمّ ردّ عثمان الصُّحف إلى حَفْصَة، وأرسل إلى كل جُنْد من أجناد المُسْلِمين بمُصْحَفٍ، وأمرهم أن يحرقوا كلّ مُصْحَفٍ يخالف المُصْحَف الَّذِي أرسل إليهم به، فذلك زمانٌ حُرِّقت فيه المَصَاحف بالنّار [١] .

وَقَالَ مُصْعَب بن سعد بن أبي وقّاص: خطب عثمانُ النّاس فَقَالَ: أيّها النّاس، عَهْدكُمْ بنبيّكم بضع عشرة، وأنتم تميزّون في القرآن، وتقولون قراءة أبيّ، وقراءة عبد الله، يَقُولُ الرجل: واللَّهِ مَا نُقِيم قراءتك، فأعْزِمُ على كلّ رجلٍ منكم كان معه من كتاب الله شيءٌ لما جاء به. فكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن، حتّى جمع من ذلك كثيرًا، ثُمَّ دخل عثمان، فدعاهم رجلًا رجلًا، فناشدهم: أسَمِعْتَهُ من رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أملاه عليك؟ فيقول: نعم، فلمّا فرغ من ذلك قَالَ: من أكْتَبُ النّاس؟ قالوا: كَاتِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيد بن ثابت، قَالَ: فأيّ النّاس أعْرَب؟ قالوا: سعيد بن العاص، قَالَ عثمان: فَلْيُمْلِ سعيدٌ ولْيَكْتُب زيد، فكتب مَصَاحِفَ ففرَّقها في النّاس [٢] .

وَرَوَى رَجُلٌ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ قَالَ عَلِيٌّ فِي الْمَصَاحِفِ: لَوْ لَمْ يَصْنَعْهُ عُثْمَانُ لَصَنَعْتُهُ [٣] . وَقَالَ أَبُو هلال: سمعت الحسن يقول: عمل عثمان اثنتي عشرة سنة،


[١] تاريخ دمشق ٢٣٤.
[٢] المصاحف لأبي حاتم السجستاني ٢٣، تاريخ دمشق ٢٣٨.
[٣] تاريخ دمشق ٢٣٧.