للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر أبا بكر بن باجَة أيضًا الْيَسع بن حزْم في تأليفه فقال فيه: هو الوزير، الفاضل، الأديب، العالِم بالفنون، المعظَّم في القلوب والعيون. أرسَلَ قلمه في ميادين الخطابة فسبق، وحرَّك بعاصف ذهنه من العلوم ما لا يكاد يتحرّك.

إلى أنّ قال: ومن مِثل أبي بكر؟ جادَ به الزّمان على الخواطر والأذهان، كلامه في الهيئة والموسيقى كلام فاضل، تعقَب كلام الأوائل، وحلَّ عُقَد المسائل، وإني لأتحقّق من عقْله ما يشهد له بالتّقييد للشّريعة ولا شكّ إنّه في صباه عَشِق، وصَبَا، وسَبَح في أنهار المجّانة وحيًا، وشعر ولحن، وامتحن نفسه في الغناء فمُحِن، وأنطق جماد الأوتار، وركب من الخلاعة كلّ عار [١] .

١٦٤- محمد بن خَلَف بن إبراهيم [٢] .

أبو بكر ابن المقري أبي القاسم بن النّحاس القُرْطبيّ.

أخذ القراءات عن أبيه.

وسمع من: ابن الطّلّاع، وأبي عليّ الغسّانيّ.

وتفقه وبرع في العلم [٣] .


[١] وقال العماد الأصفهاني: «أجمع الفضلاء على أنه لم يلحق أحد مداه في زمانه، ولم يوجد شرواه في إحسانه، وقد ختم به على الهندسة، وتداعت بموته في إقليمه مباني الحكم المؤسّسة، من جماعة ذكروهم أبو نصر الفتح بن محمد بن عبيد الله القيسي الأندلسي مؤلّف «قلائد العقيان في محاسن الأعيان» لم نثبتهم إلّا من هذا الكتاب، ولم ينتظم إلّا بعقودهم منه شمل الآداب» . (الخريدة ق ٤ ج ٢/ ٦٠٨) .
وأورد ابن خاقان مقاطيع من شعره، ومن ذلك قوله:
أسُكانَ نُعمان الأراك تَيَقَّنُوا ... بأنكم في ربع قلبي سكان
ودوموا على حفظ الوداد فطالما ... بلينا بأقوام إذا استؤمنوا خانوا
سلوا الليل عنّي مذ تناءت دياركم ... هل أكحلت بالغمض لي فيه أجفان
وهل جدّدت أسياف برق سماؤكم ... فكانت لها إلّا جفوني أجفان
قال ابن خلّكان: وكان قد أنشدني هذه الأبيات بعض أشياخ المغاربة الفضلاء بمدينة حلب منسوبة إلى ابن الصائغ المذكور، ثم وجدتها بعد ذلك بعينها في «ديوان أبي الفتيان محمد بن حيّوس» ، فبقيت شاكّا فيما أنشدني ذلك الشيخ، وقلت: لعلّه وهم في نسبتها إلى ابن الصائغ، إلى أن وجدتها في كتابه «مطمح الأنفس» أيضا منسوبة إلى ابن الصائغ المذكور، والله تعالى أعلم لمن هي منهما، (وفيات الأعيان ٤/ ٤٣٠) .
[٢] انظر عن (محمد بن خلف) في: الصلة لابن بشكوال ٢/ ٥٨٣ رقم ١٢٨٣.
[٣] قال ابن بشكوال: وكان من أهل المعرفة، والفهم والنبل والذكاء، واليقظة، وتولّى خطّة