للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تكلم فيه ابن عساكر [١] بكلام فجّ وحش، فقال: كان يُتّهم بمذهب الأوائل، ويُذكر عنه رقَّة دِين.

قال: وكان يعرف الفقه على مذهب أحمد، والفرائض، والحساب، والهندسة. ويشهد عند القُضاة، وينظر في وقف المارستان العَضُديّ [٢] .

وسرد أبو موسى نَسَبَه كما ذكرنا، ثمّ قال: هو أملاه عليّ، وكان إمامًا في فنون العلم.

قال: وكان يقول: حَفِظْتُ القرآن وأنا ابن سبْعِ سنين [٣] ، وما من علم إلّا وقد نظرتُ فيه، وحصّلت منه الكلّ أو البعض، إلّا هذا النَّحْو، فإني قليل البضاعة فيه.

وما أعلم أنّي ضيّعت ساعةً من عمري في لهوٍ ولعب.

وقال ابن الجوزيّ [٤] : ذكر لنا القاضي أبو بكر أنّ مَنجِّمَيْن حَضَرا حين وُلد، فاجمعا أنّ العُمر اثنتان وخمسون سنة.

قال: وها أنا قد جاوزت التّسعين [٥] .

قال ابن الجوزي [٦] : وكان حَسَن الصورة، حُلْو المنطق، مليح المعاشرة، كان يصلّي في جامع المنصور، يجيء في بعض الأيّام فيقف وراء مجلسي وأنا على منبر الوعظ، فيسلِّم عليّ. واستملى عليه شيخنا ابن ناصر بجامع القصر.

وقرأت عليه الكثير، وكان ثقة، فَهِمًا، ثَبْتًا، حُجَّة، متفنّنًا [٧] في علومٍ كثيرة، متفردًا في عِلم الفرائض، قال لي يومًا: صلّيت الجمعة وجلست أنظر إلى النّاس، فما رأيت أحدًا أشتهي أنّ أكون مثله [٨] .


[١] في تاريخ دمشق.
[٢] مختصر تاريخ دمشق ٢٢/ ٣٤٤.
[٣] المنتظم ١٠/ ٩٣ (١٨/ ١٤) .
[٤] في المنتظم ١٠/ ٩٢ (١٨/ ١٣) .
[٥] زاد ابن الجوزي: وأنشدني:
احفظ لسانك لا تبح بثلاثة ... سنّ، ومال ما استطعت ومذهب
فعلى الثلاثة تبتلى بثلاثة ... بمموّه ومكفّر ومكذب
[٦] في المنتظم ١٠/ ٩٣ (١٨/ ١٤) .
[٧] في المنتظم: «متقنا» .
[٨] المنتظم ١٠/ ٩٣ (١٨/ ١٤) .