للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالهيبة، وإلّا فَسَدْن، لكثرة غَيْبة أزواجهنّ.

قَالَ [١] : وكان من أشجع خلْق اللَّه. أمّا قبل أن يملك، فيكفيه أنّه حضر مَعَ الأمير مودود صاحب الموصل مدينة طبريَّة، وهي للفرنج، فوصلت طعنته إلى باب البلد، وأثّر فيه. وحَمَل أيضا عَلَى قلعة عُقْر الحميديَّة، وهي عَلَى جبلٍ عالٍ، فوصلت طعنته إلى سورها. إلى أشياء أُخَر.

وأمّا بعد ملْكه، فكان الأعداء محدقين ببلاده، وكلّهم يقصدها، ويريد أخْذَها، وهو لا يقنع بحفْظها، حتّى أنّه لا ينقضي عَلَيْهِ عامٌ إلّا وهو يفتح من بلادهم.

قَالَ: وقد أتينا عَلَى أخباره في كتاب «الباهر» [٢] في تاريخ دولته وأولاده.

وكان معه حين قُتِلَ الملك ألْب أرسلان بْن السّلطان محمود، فركب يومئذٍ، واجتمعت حوله العسكر، وحسّنوا لَهُ اللَّهْو والشُّرْب، وأدخلوه الرَّقَّة، فبقي بها أيّاما لا يظهر، ثمّ سار إلى ماكِسِين [٣] ، ثمّ إلى سَنْجار، وتفرّق العسكر عَنْهُ، وراح إلى الشرق، ثمّ ردّوه، وحُبِس في قلعة الموصل. وملك البلاد غازي بْن زنكي، واستولى نور الدّين عَلَى حلب وما يليها. ثمّ سار فتملّك الرُّها، وسبى أهلها، وكان أكثرهم نصارى [٤] .

وقال القاضي جمال الدّين بْن واصل [٥] : لم يخلّف قسيمُ الدّولة آقسُنْقُر مولى السّلطان ألْب أرسلان السَّلْجوقيّ [٦] ولدا غير أتابَك زنكيّ، وكان عمره حين قُتل والده عشر سِنين. فاجتمع عَلَيْهِ مماليك والده وأصحابه. ولمّا تخلّص كرْبُوقا من سجن حمص بعد قتل تُتُش، ذهب إلى حَرّان، وانضمّ إِلَيْهِ جماعة، فملك حَرّان، ثمّ ملك الموصل وقرَّبَ زنكيّ، وبالغ في الإحسان إِلَيْهِ، وربّاه.


[١] الكامل ١١/ ١١٢.
[٢] التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية ٧٤- ٨٤.
[٣] ماكسين: بكسر الكاف. بلد بالخابور قريب من رحبة مالك بن طوق من ديار ربيعة. (معجم البلدان ٥/ ٤٣) .
[٤] الكامل ١١/ ١١٣.
[٥] في مفرّج الكروب ١/ ٩٩.
[٦] في الأصل تصحّفت النسبة إلى: «السجلوقي» .