للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ متواضعا، متودّدا، حَسَن القراءة في المحراب، خصوصا في ليالي رمضان. وكان يحضر عنده النّاس لاستماع قراءته. وقد تخرَّج عَلَيْهِ جماعة كثيرة، وختموا عَلَيْهِ القرآن. وله تصانيف في القراءات. وخولف في بعضها، وشنّعوا عَلَيْهِ، وسمعتُ أنّه رجع عَنْ ذَلكَ، والله يغفر لنا وله. وكُتبت عَنْهُ، وعلقت عَنْهُ من شعره. ومنه:

ومن لم تؤدّبه اللّيالي وصَرْفها ... فما ذاك إلّا غائب العقْل والحسن

يظنّ بأنّ الأمر جارٍ بحُكْمه ... وليس له عِلم، أَيُصْبِحُ أَوْ يُمْسي [١]

وله:

أيّها [الزّائرون] [٢] بعد وفاتي ... جَدَثًا ضمّني ولَحْدًا عميقا

سَتَروْني الَّذِي رأيتُ من الموتِ ... عيانا وتسلكون الطّريقا [٣]

وقال الحمد بْن صالح الجيليّ: سار ذِكره في الأغوار والأنجاد. ورأس أصحاب الإمام أحمد، وصار أوحد وقته، ونسيج وحده، ولم أسمع في جميع عمري مَن يقرأ الفاتحة أحسن ولا أصحّ منه. وكان جمال العراق بأسره، وكان ظريفا كريما، لم يُخَلِّف مثله في أكثر فنونه [٤] .

قلت: قرأ عَلَيْهِ القراءات: شهاب الدّين محمد بْن يوسف الغَزْنَويّ، وتاج الدّين أبو اليُمْن الكَنْديّ، وعبد الواحد بْن سلطان، وأبو الفتح نصر اللَّه بْن عليّ بْن الكيّال الواسطيّ، والمبارك بْن المبارك بْن زُرَيق الحدّاد، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن هارون الحلّيّ المعروف بابن الكال [٥] المقرئ، وصالح بْن عليّ الصَّرْصَريّ، وأبو يَعْلَى حمزة بْن عليّ بْن القُبيطيّ، وأبو أحمد عبد الوهّاب بْن سُكَيْنَة، وزاهر بْن رُسْتَم نزيل مكَّة.

وحدَّث عنه: محمود بن المبارك بن الذّارع، ويحيى بن طاهر الواعظ،


[١] ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٢١٠، ٢١١.
[٢] في الأصل بياض، والمستدرك من: نزهة الألبّاء وغيره.
[٣] البيتان في نزهة الألبّاء ٢٩٩، وذيل طبقات الحنابلة ١/ ٢١١.
[٤] ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٢١٠، غاية النهاية ١/ ٤٣٥.
[٥] في الأصل: «البكال» . والمثبت عن تبصير المنتبه ٣/ ١١٨ وهو بكاف بعدها ألف ثم لام.
وتحرّفت في (معرفة القراء ٢/ ٤٠٤) إلى: «الكيال» .